صفحة جزء
12 - " آفة العلم النسيان؛ وإضاعته أن تحدث به غير أهله " ؛ (ش)؛ عن الأعمش ؛ مرفوعا؛ معضلا؛ وأخرج صدره فقط عن ابن مسعود ؛ موقوفا.


(آفة العلم النسيان) ؛ قال التوربشتي : "النسيان" : ترك ضبط ما استودع؛ إما لضعف قلبه؛ أو عن غفلة؛ أو قصد؛ قال الماوردي : " النسيان" ؛ نوعان؛ أحدهما ينشأ عن ضعف القوة المتخيلة عن حفظ ما يغفل عنه الذهن؛ ومن هذا حاله قل على الأضداد احتجاجه؛ وكثر إلى الكتب احتياجه؛ وليس لمن بلي به إلا الصبر؛ أو الإقلال؛ لأنه على القليل أقدر؛ وبالصبر أحرى أن ينال ويظفر؛ وقال الحكماء: أتعب قدمك؛ فكم تعب قدمك؛ وقالوا: إذا اشتد الكلف هانت الكلف؛ والثاني يحدث عن غفلة التقصير؛ وإعمال التواني؛ فينبغي لمن ابتلي به استدراك تقصيره بكثرة الدرس؛ وإيقاظ غفلته بإدامة النظر؛ ومن ثم قيل: أكمل الراحة ما كان عن كد التعب؛ وأعز العلم ما كان عن ذل الطلب؛ (وإضاعته) ؛ أي: إهماله؛ وإتلافه؛ وإهلاكه؛ (أن تحدث به غير أهله) ؛ ممن لا يفهمه؛ أو لا يعمل به؛ فتحديثك له به إهمال له؛ أي: جعلته بحيث صار مهملا؛ أو إتلاف؛ وإهلاك؛ لعدم معرفته بما تحدثه به؛ أو لعدم الانتفاع به؛ وكذا من هو لاه؛ أو متغافل؛ أو مستخف به؛ وهذا على الثاني استعارة بالكناية؛ وأخرج البيهقي عن وهب أن ذا القرنين لما بلغ مطلع الشمس قال له ملكها: صف لي الناس؛ قال: " محادثتك من لا يعقل كلامك بمنزلة من يضع الموائد لأهل القبور؛ وكمن يطبخ الحديد يلتمس أدمه" ؛ قال لقمان: " نقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم" ؛ وأخرج البيهقي عن كثير الحضرمي: لا تحدث بالحكمة عند السفهاء فيكذبوك؛ ولا بالباطل عند الحكماء فيمقتوك؛ ولا تمنع العلم أهله فتأثم؛ ولا تحدث به غير أهله فيحمقك؛ إن عليك في علمك حقا؛ كما أن عليك في مالك حقا.

(ش)؛ وكذا ابن عبد البر في كتاب العلم؛ (عن) ؛ أبي محمد؛ سليمان بن مهران؛ [ ص: 53 ] ( الأعمش ) ؛ الكوفي؛ الكاهلي؛ تابعي ثقة جليل؛ رأى بعض الصحابة؛ ولم يثبت له منهم سماع؛ وكان أكثر أهل عصره حديثا؛ وأعلمهم بالفرائض؛ وكان يسمى بالمصحف؛ لصدقه؛ (مرفوعا) ؛ إلى النبي؛ (معضلا) ؛ وهو ما سقط من إسناده اثنان على التوالي؛ وهو بفتح الضاد؛ من " أعضله - أعياه - فهو معضل" ؛ فكأن المحدث الذي حدث به أعياه؛ فلم ينتفع به من يرويه عنه؛ (وأخرج) ؛ ابن أبي شيبة (صدره فقط) ؛ وهو: " آفة العلم النسيان" ؛ (عن) ؛ أبي عبد الرحمن عبد الله ؛ ( ابن مسعود ؛ موقوفا) ؛ أي: مقصورا عليه؛ فلم يتجاوز به إلى النبي؛ وظاهر اقتصار المؤلف على عزوه لابن أبي شيبة من طريقه؛ أنه لا يعرف لغيره؛ وإلا لذكره؛ تقوية له؛ لكونه معلولا؛ والأمر بخلافه؛ فقد رواه بتمامه من هذا الوجه الدارمي في مسنده؛ والعسكري في الأمثال؛ عن الأعمش ؛ معضلا؛ ورواه عنه ابن عدي ؛ من عدة طرق؛ بلفظ: " آفة العلم النسيان؛ وإضاعته أن تحدث به من ليس له بأهل" ؛ ورواه من طريق عن قيس بن الربيع؛ بلفظ: " وإضاعته أن تضعه عند غير أهله" ؛ وروى صدره عن ابن مسعود أيضا موقوفا البيهقي ؛ في المدخل؛ قال الحافظ العراقي : ورواه بطين في مسنده؛ من حديث علي؛ بلفظ: " آفة العلم النسيان؛ وآفة الجمال الخيلاء" ؛ ورواه ابن عدي عن علي مرفوعا؛ بلفظ: " آفة الحديث الكذب؛ وآفة العلم النسيان" ؛ فكان ينبغي للمؤلف الإكثار من مخرجيه؛ إشارة إلى تقويته.

التالي السابق


الخدمات العلمية