صفحة جزء
132 - " اتقوا الحجر الحرام في البنيان؛ فإنه أساس الخراب " ؛ (هب)؛ عن ابن عمر ؛ (ض).


(اتقوا الحجر) ؛ بالتحريك؛ قال الحراني : هو ما تحجر؛ أي: اشتد تضام أجزائه؛ من الماء؛ والتراب؛ وقال الراغب : هو الجوهر الصلب؛ وجمعه " أحجار" ؛ و" حجارة" ؛ (الحرام) ؛ الذي لا يحل لكم أخذه واستعماله؛ و" الحرام" : الممنوع منه؛ وقال في المحصول: و" الحرام" ؛ يسمى " معصية" ؛ و" ذنبا" ؛ و" محظورا" ؛ و" مزجورا عنه" ؛ و" ممنوعا منه" ؛ و" متوعدا عليه" ؛ أي: من جهة الشرع؛ (في البنيان) ؛ بأن تصونوه عنه؛ وجوبا؛ ونبه بالحجر على غيره من جميع آلات البناء؛ كجص وآجر وخشب وغيرها؛ مما يبنى به؛ وفي رواية بدون ذكر الحجر؛ وهو أعم؛ أي: احذروا إنفاق المال الحرام في البناء؛ (فإنه) ؛ أي: فإن إدخال الحجر الحرام وما في معناه في البنيان؛ (أساس الخراب) ؛ أي: قاعدته؛ وأصله - قال الراغب -: الأساس؛ القاعدة التي يبنى عليها؛ قال الزمخشري : ومن المجاز: " فلان أساس أمره الكذب" ؛ و" من لم يؤسس ملكه بالعدل فقد هدمه" ؛ انتهى؛ والمراد خراب الدين؛ أو الدنيا؛ بقلة البركة؛ وشؤم البيت المبني به؛ أو أساس خراب البناء نفسه؛ بأن يسرع إليه الخراب في زمن قريب؛ ولو لم يبن به لم يخرب سريعا؛ بل يطول بقاؤه؛ لينتفع بغلته من بعد بنائه؛ قال الزمخشري : مكتوب في الإنجيل: " الحجر الواحد في الحائط من الحرام؛ عربون بالخراب" ؛ وقال وهب بن منبه : وجدت في بعض كتب الأنبياء: " من استغنى بأموال الفقراء جعلت عاقبته الفقر؛ وأي دار بنيت بالضعفاء جعلت عاقبتها الخراب" ؛ وورد في غير ما أثر أن البناء إذا كان من حرام لم يطل تمتع صاحبه به؛ بل في خبر رواه الحاكم من حديث أمير المؤمنين المرتضى: " إن لله - عز وجل - بقاعا تسمى المنتقمات؛ فإذا كسب الرجل المال من حرام؛ سلط الله عليه الماء والطين؛ ثم لا يمتعه به" ؛ أهـ.

وذهب بعضهم إلى أن المراد بالبنيان كل أمر أسسه وبناه من دينه ودنياه؛ إذا كان إمداده وإنفاقه من حرام؛ أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار ؛ انتهى؛ وهذا وإن كان لمجيئه مجال في رواية إسقاط لفظ الحجر؛ لا مجال له على رواية إثباته؛ إلا بتكليف يصان عن مثله كلام المصطفى العذب الزلال.

(هب)؛ من حديث معاوية بن يحيى؛ عن الأوزاعي ؛ عن حسان بن عطية ؛ (عن) ؛ عبد الله ؛ (ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ قال ابن الجوزي : حديث لا يصح؛ ومعاوية ضعيف؛ وحسان لم يسمع من ابن عمر ؛ انتهى؛ لكن له طرق؛ وشواهد؛ وممن رواه الخطيب؛ والبيهقي ؛ والديلمي ؛ وابن عساكر ؛ والقضاعي ؛ في الشهاب؛ وقال شارحه: غريب جدا.

التالي السابق


الخدمات العلمية