صفحة جزء
135 - " اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " ؛ (حم طب هب) ؛ عن ابن عمر ؛ (صح).


[ ص: 134 ] (اتقوا الظلم) ؛ الذي هو مجاوزة الحد؛ والتعدي على الخلق؛ وقال الراغب : هو لغة: وضع الشيء في غير موضعه المختص به؛ بنقص؛ أو زيادة؛ أو عدول عن وقته؛ أو مكانه؛ ويقال لمجاوزة الحق؛ الذي يجرى مجرى نقطة الدائرة؛ انتهى؛ وذلك لأن الشرائع تطابقت على قبحه؛ واتفقت جميع الملل على رعاية حفظ الأنفس؛ فالأنساب؛ فالأعراض؛ فالعقول؛ فالأموال؛ والظلم يقع في هذه؛ أو في بعضها؛ وأعلاه الشرك: إن الشرك لظلم عظيم ؛ وهو المراد بالظلم في أكثر الآيات؛ والكافرون هم الظالمون ؛ ويدخل فيه ظلم الإنسان لنفسه؛ بارتكاب المعاصي؛ إذ العصاة ظلام أنفسهم؛ وأقبح أنواعه ظلم من ليس له ناصر إلا الله؛ قال ابن عبد العزيز: " إياك إياك أن تظلم من لا ينتصر عليك إلا بالله؛ فإنه (تعالى) إذا علم التجاء عبد إليه بصدق واضطرار؛ انتصر له فورا" ؛ أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ؛ (فإن الظلم) ؛ في الدنيا؛ (ظلمات) ؛ على أصحابه؛ بمعنى أنه يورث ظلمة في القلب؛ فإذا أظلم القلب تاه وتحير وتجبر؛ فذهبت الهداية والبصيرة؛ فخرب القلب؛ فصار صاحبه في ظلمة؛ (يوم القيامة) ؛ فالظلمة معنوية؛ لما كان الظلم مفضيا بصاحبه إلى الضلال؛ الذي هو ضد الهدى؛ كان جديرا بالتشبيه بالظلمة؛ كما في ضده من تشبيه الهداية بالنور؛ وقيل: حسية؛ فيكون ظلمه ظلمات عليه؛ فلا يهتدي في القيامة بسببه؛ وغيره من المؤمنين يسعى نوره بين يديه؛ قال الحراني : و" الظلمة" : ما يطمس الباديات حسا؛ أو معنى؛ وقال الزمخشري : هي عدم النور؛ وانطماسه بالكلية؛ وقيل: عرض ينافي النور؛ من قولهم: " ما ظلمك أن تفعل كذا؟" ؛ أي: ما منعك وشغلك؟ لأنها تسد البصر؛ وتمنع الرؤية؛ وجمعها دلالة على إرادة الجنس؛ واختلاف أنواع الظلم؛ الذي هو سبب لأنواع الشدائد في القيامة؛ من الوقوف في العرصات؛ والحساب؛ والمرور على الصراط؛ وأنواع العقاب في النار.

(حم طب) ؛ عن ابن عمر ؛ قال الهيتمي: فيه عطاء بن السائب ؛ وقد اختلط؛ وبقية رجاله رجال الصحيح؛ (هب؛ عن) ؛ عبد الله ؛ (ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ أورده البيهقي من طريقين؛ وفي أحدهما مالك بن يحيى اليشكري؛ ساقه الذهبي في الضعفاء؛ وقال: جرحه ابن حبان ؛ وفي الأخرى عمرو بن مرزوق؛ أورده الذهبي في ذيل الضعفاء؛ وقال غيره: ثقة؛ وقال الدارقطني : كثير الوهم؛ وبما تقرر يعرف ما في رمز المؤلف لصحته من المجازفة.

التالي السابق


الخدمات العلمية