صفحة جزء
1351 - (أقسم الخوف والرجاء أن لا يجتمعا في أحد في الدنيا فيريح ريح النار ولا يفترقا في أحد في الدنيا فيريح ريح الجنة) . (هب) عن واثلة. (ح)
(أقسم الخوف) أي حلف. والخوف فزع القلب من مكروه يناله أو محبوب يفوته كما مر وهو قسم بلسان الحال فهو من الإسناد المجازي على وجه الاستعارة (والرجاء) ثقة الموجود بالكريم الودود أو رؤية الجلال بعين الجمال أو قرب القلب من ملاطفة الرب تبارك وتعالى أو غير ذلك (أن لا يجتمعا في أحد في الدنيا) بتساو أو تفاوت (فيريح) بالفتح في القاموس راحت الريح الشيء تراحه أصابته (ريح النار) لأنه على سنن الاستقامة ومن كان منهجه منهجا فجزاؤه النعيم الدائم والسعد القائم (ولا يفترقا في أحد في الدنيا فيريح ريح الجنة) حين يجد ريحها من اجتمع فيه الخوف والرجاء لأن انفراد الخوف يقتضي القنوط وانفراد الرجاء لا يأمن المكر صاحبه فلا بد للسعادة من اجتماعهما ولذا قيل: الخوف والرجاء كالجناحين للسير إلى الله تعالى فلا يمكن السير إلا بهما. قال الغزالي: وإذا كان مدار العبودية على أمرين القيام بالطاعة والانتهاء عن المعصية وذا لا يتم مع هذه النفس الأمارة إلا بترغيب وترهيب فإن الدابة الحرون تحتاج إلى قائد يقودها وسائق يسوقها وإذا وقفت في مهواة ربما تضررت من جانب ويلوح لها بالشعير من جانب حتى تنهض وتخلص فكذا النفس دابة حرون وقعت في مهواة الدنيا فالخوف سوطها وسائقها والرجاء شعيرها وقائدها فلذا يلزم العبد أن يشعر النفس بالخوف والرجاء وإلا فلا تساعده النفس الجموح على الطاعة فعليك بالتزام هذين معا يسهل عليك احتمال المشقة ولكن ينبغي غلبة الخوف على الرجاء في الصحة ليكثر العمل وفي المرض عكسه لأن الوفادة إلى ملك كريم ورب رءوف رحيم

(هب) عن واثلة بكسر المثلثة (بن الأسقع) بفتح الهمزة وسكون المهملة وفتح القاف. وروى نحوه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس ولفظهم: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على شاب وهو في الموت فقال كيف تجدك؟ فقال أرجو الله وأخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجتمعان في قلب مؤمن في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف.

التالي السابق


الخدمات العلمية