صفحة جزء
138 - " اتقوا اللعانين: الذي يتخلى في طريق الناس؛ أو في ظلهم " ؛ (حم م د) ؛ عن أبي هريرة ؛ (صح).


(اتقوا اللعانين) ؛ وفي رواية لمسلم وأبي داود: " اللاعنين" ؛ قال النووي : وهما روايتان صحيحتان؛ أي: الأمرين الجالبين للعن؛ أي: الشتم؛ والطرد؛ الباعثين عليه؛ من قبيل تسمية الحاصل فاعلا؛ قالوا: وما اللعانان؟ قال: (الذي يتخلى) ؛ فيه إضمار؛ تقديره: " تخلي الذي يتخلى" ؛ ولا يطابق الجواب السؤال بدون ذلك؛ أي: أحدهما تغوط الذي يتغوط (في طريق الناس) ؛ يعني: طريق المسلمين المسلوك؛ كما قيده بذلك في رواية الحاكم ؛ فخرج طريق الكفار؛ الذي لا يسلكه غيرهم؛ والطريق المهجور؛ الذي [ ص: 136 ] لا يسلك إلا نادرا؛ لأن من فعلهما يلعن؛ ويسب؛ فلما كانا سببا للعن أسند الفعل إليهما؛ وقيل: " لاعن" ؛ بمعنى " ملعون" ؛ كقولهم: " سر كاتم" ؛ بمعنى " مكتوم" ؛ فالمراد: المسلوك؛ لا المهجور؛ والتعميم رأي مهجور؛ (أو في) ؛ في رواية: " وفي" ؛ (ظلهم) ؛ أي: والثاني: تغوط الذي يتغوط في ظلهم؛ الذي اتخذوه مقيلا؛ فإذا وجده أحد قال: " لعن الله من فعله" ؛ فيكره ذلك؛ تنزيها؛ وقيل: تحريما؛ واختاره النووي لهذا الحديث؛ وذلك لأنه إيذاء للناس؛ بإبطال منفعتهم من ذلك؛ بل قال الذهبي : إنه كبيرة؛ لكن الأصح عند الشافعي الكراهة التنزيهية؛ وما ذكرته من تفسير التخلي بالتغوط؛ هو ما مشى عليه النووي ؛ جازما؛ لكن قال الولي العراقي: إنه مردود؛ وإن البول كالغائط؛ لأن التخلي التفرد لقضاء الحاجة؛ غائطا؛ أو بولا؛ والمعنى يساعده؛ إذ التنجيس والاستقذار موجود فيهما؛ و" الظل" ؛ لغة: الستر؛ ومنه: " أنا في ظل فلان" ؛ وعرفا: أمر وجودي خلق لنفع البدن؛ تدل عليه الشمس؛ لكن في الدنيا؛ والآخرة؛ بدليل: وظل ممدود ؛ بلا شمس.

(حم م د) ؛ في الطهارة؛ (عن أبي هريرة ) ؛ ولم يخرجه البخاري ؛ ورواه عنه ابن حبان بلفظ: " وفي أفنيتهم" ؛ بدل: " أو في ظلهم" .

التالي السابق


الخدمات العلمية