صفحة جزء
146 - " اتقوا بيتا يقال له: (الحمام)؛ فمن دخله فليستتر " ؛ (طب ك هب) ؛ عن ابن عباس .


(اتقوا بيتا يقال له: " الحمام" )؛ أي: احذروا دخوله؛ فلا تدخلوه - ندبا - للاغتسال فيه؛ إلا لضرورة؛ أو لحاجة؛ وقال: " يقال له: الحمام" ؛ لأن العرب بالحجاز لم تكن تعرف الحمام؛ ولم يدخله المصطفى؛ قال ابن القيم: ولا رآه بعينه؛ وما وقع لبعضهم؛ مما يوهم خلاف ذلك؛ وهم؛ قالوا: يا رسول الله؛ إنه يذهب الوسخ؛ ويذكر النار؛ قال: إن كنتم لا بد فاعلين؛ (فمن دخله) ؛ منكم؛ (فليستتر) ؛ أي: فليستر عورته عمن يحرم نظره إليها؛ وجوبا؛ وعن غيره ندبا؛ قال الحكيم: هذا يفهم أنه إنما أمر بأن يتقى؛ لنظر بعضهم إلى عورة بعض؛ ولم يصرح عن جواب السائل؛ بأنه يذكر النار؛ لأن تذكيره لها غير مطرد في حق كل أحد؛ إذ هو يخص العامة؛ فإن الواحد منا إذا عاين بقعة حامية ذات بخار وماء حميم؛ أخذه الغم؛ ودارت رأسه حتى استروح إلى ما يبرد فؤاده؛ وتروح بما يدخل من خلل الباب من الهواء؛ واستنشق الماء البارد؛ وتذكر بذلك دار العقاب؛ فكان ذلك سببا لاستعادته من فنون العذاب؛ وأما أهل اليقين فالآخرة نصب أعينهم؛ فلا يحتاجون إلى الاتعاظ بحمام وغيره؛ وأول من اتخذ له الحمام سليمان - عليه الصلاة والسلام -؛ وأول من اتخذها بالقاهرة العزيز بن المعز العبيدي؛ كما في خطط المقريزي؛ وتاريخ المسيحي؛ وقد اختلف السلف والخلف في حكم دخول الحمام؛ على أقوال كثيرة؛ والأصح أنه مباح للرجال؛ بشرط الستر؛ والغض؛ مكروه للنساء؛ إلا لحاجة.

(طب ك هب) ؛ وكذا الحكيم؛ (عن ابن عباس ) ؛ قال: ك؛ وهو على شرط مسلم ؛ وأقره الذهبي في التلخيص؛ مع أن فيه عبد العزيز بن يحيى ؛ أبو الأصبع؛ أورده - أعني الذهبي - في الضعفاء؛ وقال: قال البخاري : لا يتابع على حديثه؛ وقال أبو حاتم : صدوق؛ ورواه عنه البزار ؛ قال عبد الحق؛ وهو أصح حديث في هذا الباب؛ وأما ما أخرجه أبو داود والترمذي فلا يصح منه شيء؛ وقال في المطامح: ليس في شأن الحمام ما يعول عليه إلا قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في صفة عيسى: " كأنما خرج من ديماس" ؛ وقد ألف فيه بعضهم مؤلفا حافلا؛ جمع فأوعى؛ ولاختلاف أخباره اختلف الفقهاء في دخوله على أقوال متكثرة؛ ومذهب الإمام الشافعي - رضي الله (تعالى) عنه - الإباحة للرجال؛ بشرط الستر؛ والغض؛ والكراهة للمرأة؛ حيث لا عذر.

التالي السابق


الخدمات العلمية