صفحة جزء
1477 - (اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي وتجمع بها أمري وتلم بها شعثي وتصلح بها غائبي وترفع بها شاهدي وتزكي بها عملي وتلهمني بها رشدي وترد بها ألفتي وتعصمني بها من كل سوء اللهم أعطني إيمانا ويقينا ليس بعده كفر ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة ; اللهم إني أسألك الفوز في القضاء ونزل الشهداء وعيش السعداء والنصر على الأعداء ; اللهم إني أنزل بك حاجتي فإن قصر رأيي وضعف عملي افتقرت إلى رحمتك فأسألك يا قاضي الأمور ويا شافي الصدور كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير ومن دعوة الثبور ومن فتنة القبور ; اللهم ما قصر عنه رأيي ولم تبلغه نيتي ولم تبلغه مسألتي من خير وعدته أحدا من خلقك أو خير أنت معطيه أحدا من عبادك فإني أرغب إليك فيه وأسألك برحمتك يا رب العالمين ; اللهم يا ذا الحبل الشديد والأمر الرشيد أسألك الأمن يوم الوعيد والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود الركع السجود الموفين بالعهود إنك رحيم ودود وإنك تفعل ما تريد اللهم اجعلنا هادين مهتدين غير ضالين ولا مضلين سلما لأوليائك وعدوا لأعدائك نحب بحبك من أحبك ونعادي بعداوتك من خالفك ; اللهم هذا الدعاء وعليك الإجابة وهذا الجهد وعليك التكلان اللهم اجعل لي نورا في قلبي ونورا في قبري ونورا بين يدي ونورا من خلفي ونورا عن يميني ونورا عن شمالي ونورا من فوقي ونورا من تحتي ونورا في سمعي ونورا في بصري ونورا في شعري ونورا في بشري ونورا في لحمي ونورا في دمي ونورا في عظامي اللهم أعظم لي نورا وأعطني نورا واجعل لي نورا سبحان الذي تعطف بالعز وقال به سبحان الذي لبس المجد وتكرم به سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له سبحان ذي الفضل والنعم سبحان ذي المجد والكرم سبحان ذي الجلال والإكرام) . (ت) محمد بن نصر في الصلاة (طب) هق في الدعوات) عن ابن عباس . (ح)
(اللهم إني أسألك) أي أطلب منك (رحمة من عندك) أي ابتداء من غير سبب وقال القاضي: نكر الرحمة تعظيما لها دلالة على أن المطلوب رحمة عظيمة لا يكتنه كنهها ووصفها بقوله من عندك مزيدا لذلك التعظيم لأن ما يكون من عنده لا يحيط به وصفه لقوله وعلمناه من لدنا علما (تهدي بها) أي ترشد (قلبي) إليك وتقربه لديك وخصه لأنه محل العقل ومناط التجلي. وأجناس الهداية خمسة مترتبة وهي إضافة قوي يتمكن بها من الاهتداء ونصب الدلائل وإرسال الرسل والكشف والتوفيق والأخير هو الممنوع عن نحو الظالمين أينما وقع في القرآن (وتجمع بها أمري) أي تضمه بحيث لا أحتاج إلى أحد غيرك (وتلم) أي تجمع وتضم (بها شعثي) ما تفرق من أمري ملتئما غير متفرق وهو من اللم الجمع يقال لممت الشيء جمعته ومنه خبر تأكل لما وتوسع ذما: أي تأكل كثيرا مجتمعا (وتصلح بها غائبي) أي ما غاب عن باطني بالإيمان والأخلاق المرضية والملكات الرضية (وترفع بها شاهدي) أي ظاهري بالأعمال الصالحة والهيئات المطبوعة والخلال الجميلة: فالمراد تعميم الباطن وإصلاح الظاهر أو أراد بها في الأخرى بالرضا والكون مع الملأ الأعلى وفي الدنيا بالفوز والنصر على الأعداء وفيه حسن مقابلة بين الغائب والشاهد (وتذكي بها عملي) أي تزيده وتنميه وتطهره من أدناس الرياء والسمعة (وتلهمني بها رشدي) أي تهديني بها إلى ما يرضيك وتقربني إليك زلفى والإلهام أن يلقي الله في النفس أمرا يبعثه على فعل أو ترك وهو نوع من الوحي يختص الله به من يشاء من عباده قال الراغب: ورشد الله تعالى للعبد تسديده ونصرته يكون بما يخوله من الفهم الثاقب والسمع الواعي والقلب المراعي وتقيض المعلم الناصح والرفيق الموافق وإمداده من المال بما لا يقعد به عن معزاة قلبه ولا يشغل عنه كثرته ومن العشيرة والعز ما يصونه عن سفاهة السفهاء وعن الغض منه من جهة الأغنياء وأن يخوله من كبر الهمة وقوة العزيمة ما يحفظه عن التسبب بالأسباب الدنيئة والتأخير عن بلوغ كل منزلة سنية (وترد بها ألفتي) بضم الهمزة وكسرها مصدر بمعنى اسم مفعول: أي أليفي أو مألوفي: أي ما كنت آلفه (وتعصمني) أي تمنعني وتحفظني (بها من كل سوء) أي تصرفني عنه وتصرفه عني والعصمة عندنا على ما حكم بها أصلنا من إسناد الحوادث ابتداء إلى الله أن لا يخلق في المرء ذنبا وعند الحكماء على ما ذهبوا إليه من قولهم بالإيجاب واعتبار الاستعداد القابل ملكة نفسانية تمنع من الفجور وعلى الأول. قال الراغب: العصمة فيض إلهي يقوى به الإنسان على تحري الخير ويجنب الشر حتى يصير كمانع له من باطنه وإن [ ص: 113 ] لم يكن منعا محسوسا وليس ذلك بمانع ينافي التكليف كما توهمه بعض من المتكلمين

(اللهم أعطني إيمانا صادقا ويقينا ليس بعده كفر) أي جحد لدينك فإن القلب إذا تمكن منه نور اليقين انزاحت عنه ظلمات الشكوك واضمحلت منه غيوم الريب (ورحمة) أي عظيمة جدا بحيث (أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة) أي علو القدر فيهما ورفع الدرجات إنما هو برحمة المتعال لا بحلائل الأعمال

(اللهم إني أسألك الفوز في القضاء) أي الفوز باللطف فيه (ونزل) بضم النون والزاي وأصله حصول المطلوب ومنه أذلك خير نزلا (الشهداء) لأنه محل المنعم عليهم وهو وإن كان أعظمهم منزلة وأعلا منهم مرتبة لكنه ذكر للتشريع لأمته (وعيش السعداء) أي الذين قدرت لهم السعادة والمراد السعادة الأخروية لأنه كان من أكثر الناس تقللا من الدنيا وأزهد الناس مطلقا (والنصر على الأعداء) أي الظفر بهم والمراد أعداء الدين قال الراغب: والنصر من الله معونة الأنبياء والأولياء وصالحي العباد بما يؤدي إلى صلاحهم عاجلا وآجلا وذلك تارة يكون من خارج بمن يقيضه الله فيعينه تارة من داخل بأن يقوي قلب الأنبياء أو الأولياء أو يلقي الرعب في قلوب الأعداء وعليه قوله إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا الآية

(اللهم إني أنزل بك) أي أسألك قضاء (حاجتي) أي ما أحتاج إليه من أمور الدنيا والآخرة (فإن قصر) بالتشديد (رأيي) أي عجز عن إدراك ما هو الأنجح الأصلح. قال الراغب: والرأي إجالة الخاطر في رؤية ما يريده وقد يقال للقضية التي تثبت عن رأي الرائي (وضعف عملي) عبادتي عن بلوغ مراتب الكمال (افتقرت إلى رحمتك) أي احتجت في بلوغ ذلك إلى شمولي برحمتك التي وسعت كل شيء (فأسألك) أي فبسبب ضعفي وافتقاري أطلب منك (يا قاضي الأمور) أي حاكمها ومحكمها. وفيه جواز إطلاق القاضي على الله تعالى (ويا شافي) مداوي (الصدور) يعني القلوب التي في الصدور من أمراضها التي إن توالت عليها أهلكتها هلاك الأبد (كما تجير) أي تفصل وتحجز (بين البحور) وتمنع أحدهما من الاختلاط بالآخر مع الاتصال وتكفه من البغي عليه مع الالتصاق (أن تجيرني) تمنعني (من عذاب السعير) بأن تحجزه عني وتمنعه مني (ومن دعوة الثبور) النداء بالهلاك (ومن فتنة القبور) فتنة سؤال منكر ونكير بأن ترزقني الثبات عند السؤال قال الزمخشري: فإن قلت كيف يمكن أن يجعل نبيه في السعير حتى يطلب أن يجيره منه (قلت) يجوز أن يسأل العبد ربه ما علم أنه يفعله وأن يستعيذ به مما أنه لا يفعله إظهارا للعبودية وتواضعا للرب وإخباتا له اهـ. وبه يعرف أنه لا دلالة في الخبر على سؤال الأنبياء في القبر

(اللهم ما قصر عنه رأيي) أي اجتهادي في تدبيري (ولم تبلغه نيتي) أي تصحيحها في ذلك الشيء المطلوب (ولم تبلغه مسألتي) إياك (من) كل (خير وعدته أحدا من خلقك) أن تفعله مع أحد من مخلوقاتك من إنس وجن وملك ولفظ رواية البيهقي عبادك بدل خلقك والإضافة للتشريف (أو خير أنت معطيه أحدا من عبادك) أي من غير مسابقة وعد له [ ص: 114 ] بخصوصه فلا يعد ما قبله تكرارا كما قد يتوهم (فإني راغب) أطلب منك بجد واجتهاد (إليك فيه) أي أجتهد في حصوله منك لي (وأسألك) زيادة على ذلك (من رحمتك) التي لا نهاية لسعتها (يا رب العالمين) الخلق كلهم وذكره تتميما لكمال الاستعطاف والابتهال وحذف حرف النداء في بعض الروايات

(اللهم يا ذا الحبل الشديد) قال ابن الأثير: يرويه المحدثون بموحدة والمراد القرآن أو الدين أو السبب ومنه واعتصموا بحبل الله جميعا وصفه بالشدة لأنه من صفات الحبال والشدة في الدين الثبات والاستقامة. وصوب الأزهري كونه بمثناة تحتية وهو القوة واقتصر عليه الزمخشري جازما حيث قال: الحيل هو الحول أبدل واوه ياء وروى الكسائي لا حيل ولا قوة إلا بالله والمعنى ذا الكيد والمكر الشديد من قوله تعالى وأكيد كيدا ومكروا ومكر الله وقيل ذا القوة لأن أصل الحول الحركة والاستطاعة. اهـ.

(والأمر الرشيد) السديد الموافق لغاية الصواب (أسألك الأمن) من الفزع والأهوال (يوم الوعيد) أي يوم التهديد وهو يوم القيامة (والجنة) أي وأسألك الفوز بها (يوم الخلود) أي يوم إدخال عبادك دار الخلود: أي خلود أهل الجنة في الجنة وخلود أهل النار في النار وذلك بعد فصل القضاء وانقضاء الأمر (مع المقربين) إلى الحضرات القدسية (الشهود) أي الناظرين إلى ربهم المشاهدين لكمال جماله (الركع السجود) أي المكثرين للصلاة ذات الركوع والسجود (الموفين بالعهود) أي بما عاهدوا عليه الحق والخلق (إنك رحيم) أي موصوف بكمال الإحسان بدقائق النعم (ودود) شديد الحب لمن والاك (وإنك) رواية البيهقي وأنت (تفعل ما تريد) فتعطي من تشاء مسئوله وإن عظم لا مانع لما أعطيت وقد وصف الله نفسه بالاختيار وأنه على كل شيء قدير وأنه فعال لما يريد وأنه لا مكره له وهو الصادق في قوله وما حكم به فقد ترتبت الأمور ترتيب الحكمة فلا معقب لحكمه فهو في كل حال يفعل ما ينبغي كما ينبغي لما ينبغي فعل حكيم عادل بالمراتب فتأتيه أسئلة السائلين وما يوافق توقيت الإجابة في عين ما سألوه فيه وقد تقرر أنه لا مكره له فلا بد من التوقف عند ذلك السؤال لمناقضته إذا أجابه ترتيب الحكمة فلذلك قال وإنك تفعل ما تريد

(اللهم اجعلنا هادين) أي دالين الخلق على ما يوصلهم إلى الحق (مهتدين) إلى إصابة الصواب في القول والعمل قال ابن القطان: قوله هادين مهتدين فيه تقديم وتأخير لأن الإنسان لا يكون هاديا لغيره إلا بعد أن يهتدي هو فيكون مهديا انتهى. قال ابن حجر : وليست هنا صيغة ترتيب (غير ضالين) عن الحق (ولا مضلين) لأحد من خلقك (سلما) بكسر السين المهملة أي صلحا (لأوليائك) الذين هم حزبك المفلحون (وعدوا) لفظ رواية البيهقي حربا بدل عدوا (لأعدائك) ممن اتخذ لك شريكا أو ندا أو فعل معك ما لا يليق بكمالك (نحب بحبك) أي بحسب حبك (من أحبك) حبا خالصا وفي رواية البيهقي نحب بحبك الناس (ونعادي بعداوتك) أي بسبب عداوتك (من خالفك) أي خالف أمرك وهذا ناظر إلى أن من كمال الإيمان الحب في الله والبغض في الله

(اللهم هذا الدعاء) أي هذا ما أمكننا من الدعاء فقد أتينا به ولم نأل جهدا وهو مقدورنا (وعليك) الإجابة فضلا منك ولا وجوبا (وهذا الجهد) بالضم وتفتح الوسع والطاقة (وعليك التكلان) بضم التاء الاعتماد ومن توكل على الله أسكن قلبه الحكمة وكفاه كلامهم وأوصله إلى كل محبوب

[ ص: 115 ] (اللهم اجعل لي نورا في قلبي) أي نورا عظيما فالتنوين للتعظيم وقدم القلب لأنه مقر للتفكر في آلاء الله ومصنوعاته والنور ما يتبين به الشيء (ونورا في قبري) أستضيء به في ظلمة اللحد (ونورا بين يدي) أي يسعى أمامي (ونورا من خلفي) أي من ورائي ليتبعني أتباعي ويقتدي في أشياعي. قال الحراني: والخلف ما يخلفه المتوجه في توجهه فينطمس عن حواس إقبال شهوده (ونورا عن يميني ونورا عن شمالي ونورا من فوقي ونورا من تحتي) يعني اجعل النور يحفني من الجهات الست (ونورا في سمعي ونورا في بصري) لأن السمع محل السماع لآياتك والبصر محل النظر إلى مصنوعاتك فبزيادة ذلك تزداد المعارف (ونورا في شعري ونورا في بشري) أي ظاهر جلدي (ونورا في لحمي) الظاهر والباطن (ونورا في دمي ونورا في عظامي) نص على هؤلاء لأن اللعين يأتي الناس في هذه الأعضاء فيوسوسهم وسوسة مشوبة بظلمة. قال القاضي: معنى طلب النور للأعضاء أن تتحلى بأنوار المعرفة والطاعة وتعرى عن ظلم الجهالة والمعاصي طلب الهداية للنهج القويم والصراط المستقيم وأن يكون جميع ما يتصدى ويعرض له سببا لمزيد علمه وظهور أمره وأن يحيط به يوم القيامة فيسعى خلال النور كما قال تعالى في حق المؤمنين نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ثم لما دعا أن يجعل لكل عضو من أعضائه نورا يهتدي به إلى كماله وأن يحيط به من جميع الجوانب فلا يخفى عليه شيء ولا ينسد عليه طريق: دعا أن يجعل له نورا به يستضيء الناس ويهتدون إلى سبل معاشهم ومعادهم في الدنيا والآخرة فدعا بإثبات النور فيها والمراد استعمالها بالصواب

(اللهم أعظم لي نورا وأعطني نورا واجعل لي نورا) عطف عام على خاص أي اجعل لي نورا شاملا للأنوار السابقة وغيرها وهذا دعاء بدوام ذلك لأنه حاصل له وهو تعليم لأمته وفي رواية بدل اجعل لي نورا اجعلني نورا قال ابن عربي: دعا بجعل النور في كل عضو وكل عضو له دعوة بما خلقه الله عليه من القوة التي ركبها فيه وفطره عليها ولما علم المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك دعا أن يجعل الله فيه علما وهدى ينفر الظلمة دعوة كل مدع من عالمه هذا ربط هذا الدعاء وآخر ما قال اجعلني نورا يقول اجعلني نورا يهتدي بي كل من رآني في ظلمات بر وبحر فأعطاه القرآن وأعطانا الفهم منه وهذا منحة في أعلى المنح في رتبة هي أسنى المراتب قال في الحكم النور جند القلب كما أن الظلمة جند النفس فإذا أراد الله أن ينصر عبدا أمده بجنود الأنوار وقطع عنه مدد الظلم والأغيار (سبحان الذي تعطف بالعز) أي تردى به بمعنى أنه اتصف بأنه يغلب كل شيء ولا يغالبه شيء لأن العزة كما قال الحراني: الغلبة على كلية الظاهر والباطن ولفظ رواية السهيلي لبس العز بدل تعطف بالعز قال الزمخشري: العطاف والمعطف كالرداء والمردأ واعتطفه وتعطفه كارتداه وترداه وعطف الثوب رداؤه وسمي الرداء عطافا لوقوعه على عطفي الرجل وهما جانبا عنقه وهذا من المجاز المحكي نحو نهاره صائم والمراد وصف الرجل بالصوم ووصف الله بالعز ومثله قوله: يجر رباط الحمد في دار قومه أي هو محمود في قومه (وقال به) أي غلب به على كل عزيز وملك عليه أمره من القبل وهو الملك الذي ينفذ قوله فيما يريد انتهى ذكره الزمخشري وفي الروض الأنف قد صرفوا من القيل فعلا فقالوا قال علينا فلان أي ملك والقيالة الإمارة ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في تسبيحه الذي رواه عنه الترمذي سبحان الذي لبس العز وقال به أي ملك به وقهر هكذا [ ص: 116 ] فسره الهروي في الغريبين انتهى بنصه وبه يعرف أن تفسير صاحب النهاية ومن على قدمه قال به بأحبه واختص به غير جيد (سبحان الذي لبس المجد) أي ارتدى بالعظمة والكبرياء والشرف والكرم. قال الزمخشري: ومن المجاز مجد الرجل عظم كرمه فهو ماجد ومجيد وله شرف ومجد وتمجد الله بكرمه وعباده يمجدونه وهو أهل التماجيد وأمجد الله فلانا ومجده كرم فعاله انتهى ولذلك حسن تعقيبه بقوله (وتكرم به) أي تفضل وأنعم على عباده (سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له) أي لا ينبغي التنزيه المطلق إلا لجلاله تقدس (سبحان ذي الفضل) قال الزمخشري: الفضل ما يتفضل به زيادة على الثواب والفضل والفاضلة والإفضال ولفلان فواضل في قومه وفضول (والنعم) جمع نعمة وهي كل ملائم تحمد عاقبته (سبحان ذي المجد والكرم) زاد البيهقي سبحان الذي أحصى كل شيء علمه سبحان ذي المن سبحان ذي الطول (سبحان ذي الجلال والإكرام) قال في الكشاف معناه الذي يجله الموحدون عن التشبيه بخلقه وعن أفعالهم أو الذي يقال له ما أجلك وما أكرمك أو من عنده الجلال والإكرام للمخلصين من عباده وهذه من عظيم صفات الله تعالى وقال السيد: المراد بصفات الجلال التنزه عن سمات النقصان وفيه كما قال الغزالي: إن المنهي عنه من السجع ما كان بتكلف فإن ذلك لا يلائم الضراعة والذلة بخلاف الكلمات المتوازنة الخالية عن التكلف

(ت) ومحمد بن نصر في) كتاب (والصلاة (طب) والبيهقي في) كتاب (الدعوات) كلهم من حديث داود بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه (عن) جده عبد الله (بن عباس ) لكن بزيادة ونقص قال: بعثني العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته ممسيا وهو في بيت خالتي ميمونة فقام فصلى من الليل فلما صلى الركعتين قبل الفجر قال اللهم إني أسألك إلى آخره وداود هذا (عم) المنصور ولي المدينة والكوفة للسفاح حدث عنه الكبار كالنوري والأوزاعي ووثقه ابن حبان وغيره وقال ابن معين: أرجو أنه لا يكذب إنما يحدث بحديث واحد كذا روى عثمان بن سعيد عنه وقد أورده ابن عدي في الكامل وساق له بضعة عشرة حديثا ثم قال عندي لا بأس بروايته عن أبيه عن جده احتج به مسلم وخرج له الأربعة.

التالي السابق


الخدمات العلمية