صفحة جزء
176 - " اجتنبوا مجالس العشيرة " ؛ (ص)؛ عن أبان بن عثمان ؛ مرسلا.


(اجتنبوا مجالس) ؛ أي: مواضع جلوس (العشيرة) - الرفقاء المتعاشرون -؛ قال الزمخشري : تقول: " هو عشيرك" ؛ أي: معاشرك؛ أيديكما وأمركما واحد؛ وزوج المرأة عشيرها؛ أي: لا تجلسوا في مجالس الجماعة الذين يجلسون للتحدث بالأمور الدنيوية؛ لما يقع فيها من اللغو واللهو؛ وقد يجر لإضاعة صلاة؛ أو وقيعة؛ أما مقاعد الخير؛ كذكر؛ وتعلم علم؛ وتعليمه؛ وقراءة قرآن؛ وأمر بمعروف؛ ونهي عن منكر؛ فيتأكد لزومها؛ ثم إطلاقه المجالس شامل لما كان على الطريق؛ وغيره؛ ففيه أنه يكره الجلوس في الشارع للحديث ونحوه؛ إلا أن يعطيه حقه؛ كغض البصر؛ ورد السلام؛ والأمر بالمعروف؛ والنهي عن المنكر؛ وكف الأذى؛ كترك الغيبة؛ والنميمة؛ وسوء الظن؛ واحتقار المار؛ وكون القاعد يهابه المارة ويتركون المرور لأجله؛ ولا طريق سواه؛ قال القرطبي : في هذا الحديث إنكار للجلوس على الطرقات؛ وزجر عنه؛ لكن محله ما إذا لم يكن إليه حاجة؛ كما قالوا في خبر مسلم : ما لنا من ذلك بد؛ لكن العلماء فهموا أن المنع ليس للتحريم؛ بل إرشاد إلى المصالح.

(ص؛ عن أبان) ؛ بفتح الهمزة؛ والموحدة؛ منصرف؛ لأنه " فعال" ؛ كـ " غزال" ؛ وقيل: هو " أفعل" ؛ فلا ينصرف؛ لوزن الفعل؛ مع العلمية؛ (ابن عثمان ) ؛ ابن عفان ؛ (مرسلا) ؛ هو تابعي جليل؛ قال الذهبي : كان فقيها مجتهدا؛ وكان أميرا على المدينة؛ في زمن ابن عم أبيه؛ عبد الملك بن مروان ؛ وعدول المؤلف لرواية إرساله؛ واقتصاره عليها؛ يوهم أنه لم يقف عليه مسندا متصلا؛ وهو عجيب؛ فقد خرجه مسلم ؛ في صحيحه؛ من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ؛ عن أبيه؛ عن جده أبي طلحة الأنصاري الصحابي الكبير الشهير؛ لكن بلفظ: " اجتنبوا مجالس الصعدات" ؛ وزاد بيان السبب؛ فقال: كنا قعودا بالأفنية؛ نتحدث؛ إذ جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقدم علينا؛ فقال: " ما لكم ولمجالس الصعدات؟! اجتنبوا مجالس الصعدات" ؛ فقلنا: إنما قعدنا لغير ما بأس؛ قعدنا لنتذاكر ونتحدث؛ قال: " أما إذا فأدوا حقها؛ غض البصر؛ ورد السلام؛ وحسن الكلام" ؛ انتهى بنصه؛ وإسحاق أحد الثقات الكبار؛ تابعي جليل؛ إمام؛ خرج له الستة.

التالي السابق


الخدمات العلمية