صفحة جزء
3985 - "خياركم أحاسنكم أخلاقا ؛ الموطؤون أكنافا؛ وشراركم الثرثارون المتفيهقون المتشدقون"؛ (هب)؛ عن ابن عباس ؛ (ح) .


( خياركم أحاسنكم أخلاقا ) ؛ فمن كان حسن الخلق فيه أكثر؛ كان خيره أكثر؛ (الموطؤون أكنافا) ؛ بصيغة اسم المفعول؛ من "التوطئة"؛ وهي التمهيد والتذليل؛ و"فراش وطيء"؛ لا يؤذي جنب النائم؛ و"الأكناف": الجوانب؛ أراد الذين جوانبهم وطيئة؛ [ ص: 465 ] يتمكن فيها من يصاحبهم؛ ولا يتأذى؛ وهو أحسن البلاغة؛ (وشراركم الثرثارون) ؛ أي: الذين يكثرون الكلام تكلفا وتشدقا؛ و"الثرثرة": كثرة الكلام؛ وترديده؛ (المتفيهقون) ؛ أي: الذين يتوسعون في الكلام؛ ويفتحون به أفواههم؛ ويتفصحون فيه؛ (المتشدقون) ؛ الذين يتكلمون بأشداقهم؛ ويتمقعرون في مخاطبتهم.

(تنبيه) :

قال في المفصل: أفعل التفضيل يضاف إلى ما يضاف إليه؛ أي: يقول: "هو أفضل الرجلين"؛ و"أفضل القوم"؛ و"أفضل رجل"؛ و"هما أفضل رجلين"؛ و"هو أفضل رجل"؛ وله معنيان: أحدهما: أن يراد أنه زائد على المضاف إليهم في الخصلة التي هو وهم فيها شركاء؛ الثاني: أن يؤخذ مطلقا له الزيادة فيها إطلاقا؛ ثم يضاف؛ لا للتفضيل على المضاف إليهم؛ بل لمجرد التخصيص؛ نحو: "الناقص والأشج أعدلا بني مروان "؛ أي: عادلا بني مروان ؛ فلك على الأول توحيده في التثنية والجمع؛ وألا تؤنثه؛ وعلى الثاني ليس لك إلا أن تؤنثه وتجمعه وتثنيه؛ قال: وقد اجتمع الوجهان في حديث: "أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقا؛ الموطؤون أكنافا؛ وأبغضكم إلي وأبعدكم مني أساوئكم أخلاقا" ؛ وقال ابن الحاجب في أمالي المفصل: قولهم: "أكرم الناس"؛ يلزم أن يكون جميع الناس كرماء؛ في قصد المتكلم؛ وهو باطل؛ وكذا قوله - عليه السلام -: "ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني..." ؛ إلخ؛ فإنه يلزم أن يكون المخاطبون شركاء في أصل ما أضيف إليهم من المحبة؛ والبغض؛ مع أنهم لم يشركوا؛ والجواب أن معنى قوله: "أحبكم": أحب المحبوبين منكم؛ وكذا "أقربكم"؛ و"أبغضكم"؛ و"أبعدكم"؛ ويجوز تقدير مضاف محذوف؛ أي: "أحب محبوبيكم"؛ وقال ابن يعيش : الوجهان - جواز المطابقة؛ وتركها - وردا في حديث "أحبكم"؛ و"أقربكم"؛ و"أبغضكم"؛ و"أبعدكم"؛ وجمع "أحاسنكم"؛ و"أساوئكم".

(هب؛ عن ابن عباس ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية