صفحة جزء
217 - " أحب العباد إلى الله (تعالى) أنفعهم لعياله " ؛ عبد الله ؛ في زوائد الزهد؛ عن الحسن؛ مرسلا.


[ ص: 174 ] (أحب العباد إلى الله - تعالى - أنفعهم لعياله) ؛ أي: لعيال الله؛ بدليل خبر أبي يعلى: " الخلق كلهم عيال الله؛ وأحبهم إليه أنفعهم لعياله" ؛ وخبر الطبراني : " أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس" ؛ والمراد: من يستطاع نفعه من الخلق؛ الأهم فالأهم؛ أو المراد عيال الإنسان أنفسهم؛ الذين يمونهم؛ وتلزمه نفقتهم؛ والأول أقرب؛ قال الماوردي : ونظمه بعضهم؛ فقال:


الناس كلهم عيا ... ل الله تحت ظلاله

    فأحبهم طرا إليـ
... ـه أبرهم بعياله



قال القاضي: ومحبة العبد لله (تعالى): إرادة طاعته؛ والاعتناء بتحصيل فرائضه؛ ومحبة الله (تعالى) للعبد: إرادة إكرامه؛ واستعماله في الطاعة؛ وصونه عن المعصية؛ وفي الحديث رد على من رفض الدنيا بالكلية من النساك؛ وترك الناس؛ وتخفى للعبادة؛ محتجا بآية: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ؛ وخفي عليه أن أعظم عبادة الله ما يكون نفعها عائدا لمصالح عباده؛ حكي أن بعض الملوك اعتزل الناس؛ وزهد في الدنيا؛ فكتب إليه بعض الملوك: قد اعتزلت لما نحن فيه؛ فإن علمت أن ما اخترته أفضل؛ فعرفنا لنذر ما نحن فيه؛ ولا تحسبني أقبل منك قولا بلا حجة؛ فكتب إليه: اعلم أنا عبيد رب رحيم؛ بعثنا إلى حرب عدوه؛ وعرفنا أن القصد بذلك قهره؛ والسلامة منه؛ فلما قربوا من الزحف صاروا ثلاثة أثلاث: متحرزا؛ طلب السلامة؛ فاعتزل واكتسب ترك الملامة؛ وإن لم يكتسب المحمدة؛ ومتهورا قدم إلى حرب العدو على غير بصيرة؛ فجرحه العدو وقهره؛ فاستجلب بذلك سخط ربه؛ وشجاعا أقبل على بصيرة؛ فقاتل؛ واجتهد؛ وأبلى؛ فهو الفائز؛ وأنا لما وجدتني ضعيفا؛ رضيت بأدنى الهمتين؛ وأدون المنزلتين؛ فكن أنت أيها الملك من أفضل الطوائف؛ تكن أكرمهم عند الله؛ والسلام.

( عبد الله ) ؛ ابن الإمام أحمد بن حنبل ؛ (في زوائد) ؛ كتاب (الزهد) ؛ لأبيه؛ (عن الحسن؛ مرسلا) ؛ بإسناد ضعيف؛ لكن شواهده كثيرة؛ وهو البصري؛ أبو سعيد ؛ مولى زيد بن ثابت ؛ أو جميل بن قطبة؛ أو غيرهما؛ وأبوه يسار من سبي ميسان؛ أعتقه الربيع بن النضر؛ ولد زمن عمر ؛ وشهد الدار؛ وهو ابن أربع عشرة سنة؛ إمام كبير الشأن؛ رفيع القدر؛ رأس في العلم والعمل؛ مات سنة عشر ومائة.

التالي السابق


الخدمات العلمية