صفحة جزء
231 - " احترسوا من الناس بسوء الظن " ؛ (طس عد) عن أنس ؛ (ض).


(احترسوا من الناس) ؛ أي: من شرارهم؛ (بسوء الظن) ؛ أي: تحفظوا منهم؛ تحفظ من أساء الظن بهم؛ كذا قاله مطرف التابعي الكبير؛ وقيل: أراد: لا تثقوا بكل أحد؛ فإنه أسلم لكم؛ ويدل عليه خبر ابن عساكر ؛ عن ابن عباس - رضي الله (تعالى) عنهما - مرفوعا: " من حسن ظنه بالناس؛ كثرت ندامته" ؛ وقال معاوية لعبيد بن شبرمة؛ وقد أتت عليه مائتا سنة: ما شاهدت؟ قال: أدركت الناس وهم يقولون: ذهب الناس؛ وقيل: ما بقي من الناس إلا كلب نابح؛ أو حمار رامح؛ فاحذروهما؛ وقال بعضهم: لو أن الدنيا ملئت سباعا وحيات؛ ما خفتها؛ فلو بقي إنسان واحد لخفته؛ ومن أمثالهم: " رب زائر يراوحك ويغاديك؛ وهو ممن يكادحك ويعاديك" ؛ وما أحسن قول الصولي :


لو قيل لي خذ أمانا ... من أعظم الحدثان

    لما أخذت أمانا
... إلا من الخلان



ولا يعارض هذا خبر: " إياكم وسوء الظن" ؛ لأنه فيمن تحقق حسن سريرته؛ وأمانته؛ والأول فيمن ظهر منه الخداع والمكر؛ وخلف الوعد؛ والخيانة؛ والقرينة تغلب أحد الطرفين؛ فمن ظهرت عليه قرينة سوء يستعمل معه سوء الظن؛ [ ص: 182 ] وخلافه خلافه؛ وفي إشعاره تحذير من التغفل؛ وإشارة إلى استعمال الفطنة؛ فإن كل إنسان لا بد له من عدو؛ بل أعداء؛ يأخذ حذره منهم؛ قال بعض العارفين: هذه حالة كل موجود؛ لا بد له من عدو؛ وصديق؛ بل هذه حالة سارية في الحق؛ والخلق؛ قال الله (تعالى): يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ؛ فهم عبيده؛ وهم أعداؤه؛ فكيف حال العبيد بعضهم مع بعض؛ بما فيهم من التنافس والتباغض والتحاسد والتحاقد؟!

(طس عد) ؛ وكذا العسكري في الأمثال؛ كلهم (عن أنس ) ؛ قال الهيتمي: تفرد به بقية بن الوليد؛ وهو مدلس؛ وبقية رجاله ثقات؛ انتهى؛ وقال المؤلف؛ في الكبير: حسن؛ وهو ممنوع؛ فقد قال ابن حجر؛ في الفتح: خرجه الطبراني في الأوسط؛ من طريق أنس ؛ وهو من رواية بقية؛ بالعنعنة؛ عن معاوية بن يحيى؛ وهو ضعيف؛ فله علتان؛ التابعي؛ وصح منه قول مطرف : أخرجه مسدد .

التالي السابق


الخدمات العلمية