صفحة جزء
246 - " احذروا الدنيا؛ فإنها خضرة حلوة " ؛ (حم)؛ في الزهد؛ عن مصعب بن سعد ؛ مرسلا.


(احذروا الدنيا) ؛ أي: الاسترسال في شهواتها؛ والانكباب على ملاذها؛ واقتصروا منها على الكفاف؛ (فإنها خضرة) ؛ بفتح الخاء؛ وكسر الضاد؛ المعجمتين؛ أي: حسنة المنظر؛ مزينة في العيون؛ آخذة بمجامع القلوب؛ (حلوة) ؛ بالضم؛ أي: حلوة المذاق؛ صعبة الفراق؛ قال في المطامح: فيه استعارة مجازية؛ ومعجزة نبوية؛ فخضرتها عبارة عن زهرتها؛ وحسنها؛ وحلاوتها كناية عن كونها محببة للنفوس؛ مزينة للناظرين؛ وهو إخبار عن غيب واقع؛ فإن قلت: إخباره عنها بخضرتها وحلاوتها يناقضه إخباره في عدة أخبار بقذارتها؛ وأن الله جعل البول والغائط مثلا لها؛ قلت: لا منافاة؛ فإنها جيفة قذرة في مرأى البصائر؛ وحلوة خضرة في مرأى الأبصار؛ فذكر ثم أنها جيفة قذرة؛ للتنفير؛ وهنا كونها حلوة خضرة؛ للتحذير؛ فكأنه قال: لا تغرنكم بحلاوتها؛ وخضرتها؛ فإن حلاوتها في الحقيقة مرارة؛ وخضرتها يبس؛ فلله در كلام المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ما أبدعه!

(حم؛ في) ؛ كتاب (الزهد؛ عن مصعب) ؛ بضم الميم؛ وسكون الصاد المهملة؛ وفتح العين المهملة؛ وبموحدة؛ ( ابن سعد ؛ مرسلا)؛ وهو ابن أبي وقاص ؛ أبو زرارة؛ بضم الزاي؛ وفتح الراء الخفيفة الأولى؛ المدني؛ ثقة؛ نزل الكوفة؛ لم يرمز له المصنف بشيء.

التالي السابق


الخدمات العلمية