التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6033 6396 - حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا الأنصاري، حدثنا هشام بن حسان، حدثنا محمد بن سيرين، حدثنا عبيدة حدثنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق، فقال: "ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا; كما شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس". وهي صلاة العصر. [انظر: 2931 - مسلم: 627 - فتح: 11 \ 194]


سلف كل ذلك متصلا

ثم أسند أحاديث:

أحدها:

عن ابن أبي أوفى: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأحزاب فقال: "اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم".

[ ص: 341 ] ثانيها:

حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - كان - صلى الله عليه وسلم - إذا قال: "سمع الله لمن حمده". في الركعة الآخرة من صلاة العشاء قنت: إلى قوله: "اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف".

ثالثها:

حديث أنس - رضي الله عنه -: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية يقال لهم: القراء، فأصيبوا.. الحديث وفي آخره ويقول: "إن عصية عصت الله ورسوله".

رابعها:

حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كانت اليهود يسلمون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: السام عليك.. الحديث.

خامسها:

حديث علي - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق: "ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا; كما شغلونا عن صلاة الوسطى". وهي صلاة العصر.

وكلها سلفت في الاستسقاء والجهاد.

[ ص: 342 ] وإنما كان - عليه السلام - يدعو على المشركين على حسب ذنوبهم وإجرامهم، فكان يبالغ في الدعاء من اشتد أذاه على المسلمين; ألا ترى لما يئس من قومه وقال: "اللهم اشدد وطأتك على مضر" الحديث. وقال مرة: "اللهم أعني عليهم" الحديث.

ودعا على أبي جهل بالهلاك، ودعا على الأحزاب بالهزيمة والزلزلة، فأجاب الله دعاءه فيهم، ودعا على الذين قتلوا القراء شهرا في القنوت، ودعا على أهل الأحزاب أن يحرقهم الله في بيوتهم وقبورهم، فبالغ في الدعاء عليهم لشدة إجرامهم، (ونهى عائشة عن اليهود باللعنة)، وأمرها بالرفق في (المقارضة) لهم، والرد عليهم مثل قولهم، ولم يبح لها الزيادة والتصريح، فيمكن أن يكون ذلك منه على وجه التألف لهم والطمع في إسلامهم.

وأما قوله في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - حين لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنافقين في الصلاة. فأنزل الله تعالى: ليس لك من الأمر شيء [آل عمران: 128] فذهب بعض أهل التأويل إلى أن هذه الآية ناسخة للعنة المنافقين في الصلاة والدعاء عليهم، وأنه عوض من ذلك القنوت في الصبح، رواه ابن وهب وغيره.

وأكثر العلماء على أن الآية ليست ناسخة ولا منسوخة، وأن الدعاء على المشركين بالهلاك وغيره جائز، كدعاء الشارع في هذه الآثار المتواترة الثابتة.

[ ص: 343 ] فصل:

فيه: حجة على أبي حنيفة في قوله: لا يدعى في الصلاة إلا بما في القرآن، وإن دعا بغيره بطلت.

والوطأة: الأخذ (بالشدة)، (وقال الداودي): هي الأرض.

وقوله: ("اللهم أنج سلمة بن هشام") هو عم أبي جهل، كما قاله الداودي. فعلى هذا (اسم أبي) جهل هشام، واسم جده هشام أيضا، قال: والوليد بن الوليد ابن عمه.

فصل:

وقوله: ("عن صلاة الوسطى" وهي صلاة العصر) ظاهر في ذلك، وبه قال أبو حنيفة، وابن حبيب، ومذهب الشافعي ومالك أنها الصبح، وانفصل ابن القصار عن هذا الحديث، بأنهم شغلوا ذلك اليوم عن الظهر والعصر والمغرب، وأن العصر وسط هذه الثلاث وقال ابن القابسي: هما وسطان الصبح بالقرآن، والعصر بالسنة. وفيها عدة مذاهب أخر سلفت الإشارة إليها.

[ ص: 344 ] فصل:

فيه: القنوت في الصبح، وبه قال مالك والشافعي، واختلفا في محله، وخالف أبو حنيفة وأحمد ويحيى بن يحيى المالكي.

فصل:

قوله: (يقال لهم القراء) كانوا سبعين. وقوله: (ففطنت عائشة). هو بفتح الطاء.

التالي السابق


الخدمات العلمية