التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6140 6505 - حدثني يحيى بن يوسف، أخبرنا أبو بكر، عن أبي حصين عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بعثت أنا والساعة كهاتين". يعني: إصبعين. تابعه إسرائيل، عن أبي حصين. [فتح: 11 \ 347].


ثم ساق حديث سهل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت أنا والساعة هكذا". ويشير بإصبعيه فيمدهما.

وحديث أنس - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بعثت أنا والساعة كهاتين". يعني: إصبعين.

وحديث أبي بكر، عن أبي حصين عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بعثت أنا والساعة كهاتين". يعني: إصبعين. تابعه إسرائيل، عن أبي حصين.

الشرح:

قوله: ("كهاتين" يعني: إصبعين)، أي: السبابة والوسطى، والمعنى: أنه ليس بينه وبينها نبي. وقيل: إن بينهما يسيرا كما بينهما في الطول.

[ ص: 593 ] ومن هنا إلى كتاب القدر حذفه ابن بطال، وذكر عقبه باب فضائل القرآن، وقد أسلفناه نحن، وعند الطبري: زيادة في الحديث، وإنما سبقها بما سبقت هذه هذه، يعني الوسطى السبابة، قال: وأورده من طرق كثيرة صححها، وأورد معه قوله - عليه السلام -يعني: ما رواه من حديث راشد، عن سعد بن أبي وقاص- "لن يعجز الله أن يؤخر هذه الأمة نصف يوم" يعني: خمسمائة عام، وأخرجه أبو داود أيضا. قال تعالى: وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [الحج: 47]، قال: وفي حديث زمل الخزاعي حين قص على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رؤياه، وفيها: رأيتك يا رسول الله على منبر سبع درجات، وإلى جنبك ناقة عجفاء، كأنك تنعتها. ففسر له - عليه السلام - الناقة بقيام الساعة التي أنذر بها، وقال في المنبر ودرجاته: "الدنيا السبعة آلاف سنة بعثت في آخرها".

والحديث وإن كان ضعيف الإسناد، فقد نقل عن ابن عباس من طرق صحاح أنه قال: الدنيا سبعة أيام، كل يوم ألف سنة، وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر يوم منها.

[ ص: 594 ] وصحح الطبري هذا الأصل، وعضده بآثار ثم قال: وهذا في معنى ما قبله يشهد له، وبينه أن الوسطى تزيد على السبابة بنصف سبع، كما أن نصف يوم من سبعة نصف سبع، قال: وليس قوله: "لن يعجز الله أن يؤخر هذه الأمة نصف يوم"، ما ينفي الزيادة على النصف، ففي قوله: "بعثت أنا والساعة كهاتين". ما يقطع به على صحة تأويلها. وقد قيل في تأويله غير هذا، وهو أنه ليس بينه وبين الساعة نبي غيره ولا شرع غير شرعه مع التقريب بحينها، قال تعالى: اقتربت الساعة و أتى أمر الله [النحل: 1]، ولما نزلت هذه وثب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما نزلت فلا تستعجلوه [النحل: 1] جلس. قال بعضهم: إنما وثب خوفا أن تكون قد قامت.

فإن قلت: قد ثبت أنه قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل"، وهو دال على أنه لم يكن عنده علم منها، وحديث الباب دال على أنه كان عالما بها؟

قيل له: قد نطق القرآن بقوله: إنما علمها عند الله [الأعراف: 187] فلم يكن يعلمها هو ولا غيره، وحديث الباب معناه أنه النبي الآخر فلا يليني نبي آخر، إنما تليني القيامة، كما تلي السبابة الوسطى، وليس بينهما إصبع. وهذا لا يوجب أن يكون له علم بها، قال السهيلي: ولكن إذا قلنا إنه بعث في الألف الآخر بعد ما مضت منه سنون، ونظرنا بعده إلى الحروف المقطعة في أوائل السور وجدناها أربعة عشر حرفا تجمعها: (ألم يسطع نص حق كره)، ثم نأخذ الحساب

[ ص: 595 ] على أبي جاد ولم يسم الله سبحانه في أوائل السور إلا هذه الحروف، فليس يبعد أن يكون من بعض مقتضياتها، وبعض فوائدها الإشارة إلى هذا العدد من السنين لما قدمناه من حديث الألف السابع الذي بعث فيه، غير أن هذا الحساب يحتمل أن يكون من مبعثه، أو من وفاته، وكل قريب بعضه من بعض، فقد جاء أشراطها، ولكن لا تأتيكم إلا بغتة، وقد روي أن المتوكل العباسي سأل جعفر بن عبد الواحد العباسي عما بقي من الدنيا، فحدثه بحديث رفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

أنه قال: "إن أحسنت أمتي فبقاؤها يوم من أيام الآخرة، وذلك ألف سنة، وإن أساءت فنصف يوم"
ففي هذا الحديث تتميم الحديث المتقدم، وبيان له. هذا كلامه.

وقد رددنا عليه فيما مضى، وأن قوله: (زملا) صوابه ابن زمل، وأن العسكري وابن منده وابن حبان، سموه عبد الله، وأن الطبري سماه الضحاك، وتبعه أبو نعيم، قال ابن الأثير: وأراهما ذهبا غير مذهب، ولعلهما حفظا اسم الضحاك من زمل الذي من أتباع التابعين، فظناه ذاك. وقال أبو موسى المديني: أما ابن زمل هذا فلا أعلمه سمي في شيء من الروايات، ثم إنه جعله خزاعيا، وإنما هو جهني، كما بينه الكلبي وغيره، وأن قوله: وإن كان حديث زمل ضعيف الإسناد لا يقال فيه.

[ ص: 596 ] وقد قال ابن الأثير في كتابه "مثالب الطالبين": إن ألفاظه (موضوعة)، قال: وذكر بعض الحفاظ أنه موضوع، وقال أبو حاتم: لا أعتمد على إسناده، ولما ذكره ابن الجوزي وصف بعض رواته بالوضع، واحتجاجه بحديث جعفر أعجب منه لقول الدارقطني فيه: كان كثير الوضع.

التالي السابق


الخدمات العلمية