التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6246 [ ص: 180 ] 16 - باب: وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله [الأعراف: 43] لو أن الله هداني لكنت من المتقين [الزمر: 57]

6620 - حدثنا أبو النعمان، أخبرنا جرير -هو ابن حازم- عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق ينقل معنا التراب وهو يقول:


والله لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا     فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا     والمشركون قد بغوا علينا
إذا أرادوا فتنة أبينا



[انظر: 2836 - مسلم: 1803 - فتح: 11 \ 515].


ثم ساق حديث ابن عازب - رضي الله عنهما - السالف قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق ينقل معنا التراب وهو يقول:


والله لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا     فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا     والمشركون قد بغوا علينا
إذا أرادوا فتنة أبينا



في هاتين الآيتين والحديث نص أن الله تعالى انفرد بخلق الهدى والضلال، وأنه أقدر العباد على اكتساب ما أراد منهم اكتسابهم له من إيمان أو كفر ، وأن ذلك ليس بخلق للعباد كما زعمت القدرية .

وروي عن علي - رضي الله عنه - أنه لقي رجلا من القدرية ، فقال له: خالفتم الله، وخالفتم الملائكة، وخالفتم أهل الجنة، وخالفتم أهل النار، وخالفتم الأنبياء، وخالفتم الشيطان .

فأما خلافكم الله فقوله: إنك لا تهدي من أحببت الآية [القصص: 56].

وأما خلافكم الملائكة فقولهم: لا علم لنا إلا ما علمتنا [البقرة: 32].

وأما خلافكم الأنبياء فقول [ ص: 181 ] نوح : ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم الآية.

وأما خلافكم أهل الجنة فقولهم: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله [الأعراف: 43].

وأما خلافكم لأهل النار فقولهم: ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين [المؤمنون: 106].

وأما خلافكم الشيطان، فقول إبليس: رب بما أغويتني [الحجر: 39].

وذكر الآجري بإسناده عن علي - رضي الله عنه -: أن رجلا أتاه فقال: أخبرني عن القدر. فقال: طريق مظلم، فلا تسلكه. قال: أخبرني عن القدر. قال: بحر عميق فلا تلجه. قال: أخبرني عن القدر. قال: سر الله فلا تكلفه .

ثم ولى الرجل غير بعيد، ثم رجع فقال لعلي : في المشيئة الأولى أقوم وأقعد وأقبض وأبسط، فقال له علي : إني سائلك عن ثلاث خصال، ولن يجعل الله لك مخرجا، أخبرني أخلقك الله لما شاء أو لما شئت؟ قال: بل لما شاء. قال: أخبرني أفتحيا يوم القيامة كما شاء أو كما شئت؟ قال: بل كما شاء. قال: أخبرني أجعلك الله كما شاء أو كما شئت؟ قال: بل كما شاء. قال: فليس لك من المشيئة شيء .

وقال محمد بن كعب القرظي لقد سمى الله المكذبين بالقدر باسم نسبهم إليه في القرآن، فقال: إن المجرمين في ضلال وسعر إلى قوله: إنا كل شيء خلقناه بقدر [القمر: 49] فهم المجرمون .

آخر كتاب القدر ولله الحمد.

التالي السابق


الخدمات العلمية