التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
[ ص: 273 ] 8 - باب: لا يقول: ما شاء الله وشئت

وهل يقول: أنا بالله ثم بك؟

6653 - وقال عمرو بن عاصم ، حدثنا همام حدثنا إسحاق بن عبد الله ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة ، أن أبا هريرة حدثه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن ثلاثة في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم ، فبعث ملكا فأتى الأبرص فقال: تقطعت بي الحبال، فلا بلاغ لي إلا بالله، ثم بك" . فذكر الحديث [انظر: 3464 - مسلم: 2964 - فتح: 11 \ 540]


وقال عمرو بن عاصم : ثنا همام ، ثنا إسحاق بن عبد الله ، ثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة ، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - حدثه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن ثلاثة في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال: تقطعت بي الحبال، فلا بلاغ لي إلا بالله ثم بك" . فذكر الحديث في الأقرع والأعمى أيضا، المذكور في بني إسرائيل ، وهناك أسنده، فقال: حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عمرو بن عاصم ، وحدثنا محمد ، ثنا عبد الله بن رجاء ، قالا: ثنا همام به.

قال المهلب : وإنما أراد البخاري أن يخبر بـ (ما شاء الله ثم شئت) استدلالا من قوله - عليه السلام - في حديث أبي هريرة : "فلا بلاغ لي إلا بالله ثم بك" وإنما لم يجز أن يقول: ما شاء الله وشئت; لأن الواو تشرك بين المشيئين جميعا. وقد روي هذا المعنى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم ما شاء فلان" وإنما جاز دخول (ثم) مكان الواو; لأن مشيئة الله [ ص: 274 ] تعالى متقدمة على مشيئة خلقه، قال تعالى: وما تشاءون إلا أن يشاء الله [الإنسان: 30] فهذا من الأدب، وذكر عبد الرزاق ، عن إبراهيم النخعي أنه (قال: لا نرى) بأسا أن يقول: ما شاء الله ثم شئت، وكان يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، حتى يقول: ثم بك. (والحديث في ذلك) رواه محمد بن بشار ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، ثنا مسعر (عن) معبد بن خالد ، عن عبد الله بن يسار ، عن قتيلة -امرأة من جهينة - قالت: جاء يهودي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تشركون، وإنكم تجعلون لله ندا، تقولون: والكعبة، وتقولون: ما شاء الله وشئت، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: "ورب الكعبة " وأمرهم أن يقولوا: "ما شاء الله ثم شئت" .

وهذا الحديث رأي البخاري ، ولم يكن من شرطه، فترجم به، واستنبط معناه من حديث أبي هريرة .

[ ص: 275 ] وقال الداودي : ليس في هذا نهي أن لا يقول: بالله وبك. قال تعالى: وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله [التوبة: 74] وقال: وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه [الأحزاب: 37] وقال: قل الأنفال لله والرسول [الأنفال: 1] والابتلاء: الاختبار.

وفيه: أن الملائكة تكلم غير الأنبياء ; إلا أن المتكلم ربما يعرف أن الذي يكلمه ملك. واعترضه ابن التين ، فقال: ما ذكره ليس بظاهر; لأن قوله: ما شاء الله وشئت، يشارك الله في مشيئه، وجعل الأمر مشتركا بينه وبين الله في المشيئة، وليس كذلك الآي التي ذكرها; لأنه إنما شاركه في الإنعام، أنعم الله على زيد بن حارثة بالإسلام، وأنعم عليه الشارع بالعتق، وإنما الذي يمنع أن تقول: ما شاء الله وشئت توقع المشاركة في المشيئة، وهي منفردة لله سبحانه حقيقة، ومجازا لغيره.

فصل:

قوله: ("تقطعت بي الحبال") الذي نحفظه بالحاء. قال ابن التين : رويناه "بالجبال" وفي رواية أخرى بالخاء، وهو أشبه).

التالي السابق


الخدمات العلمية