التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6331 [ ص: 406 ] 2 - باب: قول الله -عز وجل-: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم [التحريم: 2]

متى تجب الكفارة على الغني والفقير؟

6709 - حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن الزهري قال: سمعته من فيه، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت. قال: "ما شأنك؟". قال: وقعت على امرأتي في رمضان. قال: "تستطيع تعتق رقبة؟". قال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟". قال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟". قال: لا. قال: "اجلس". فجلس، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر -والعرق المكتل الضخم- قال: "خذ هذا فتصدق به". قال: أعلى أفقر منا؟ فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، قال: "أطعمه عيالك". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح: 11 \ 595].


ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في المجامع في رمضان، وقد سلف في بابه، وأراد البخاري بإيراده أن يعرفك أن الكفارة تجب بعد الحنث وانتهاك الذنب ، وسيأتي مذاهب العلماء في الكفارة قبل الحنث وبعده بعد هذا -إن شاء الله تعالى- وقد تقدم ما للعلماء في الفقير تجب عليه الكفارة، ولا يجد ما يكفر هل تسقط عنه أو تبقى في ذمته إلى حال يسره في كتاب الصيام، واستدل مالك والشافعي بهذا الحديث أن الإطعام في كفارة الأيمان مد لكل مسكين; لأن الكيل الذي أتى به الشارع، وقال للواطئ: "خذ فتصدق به" كان فيه خمسة عشر صاعا، وذلك ستون مدا، فالذي يصيب كل مسكين منهم مد مد، وزعم الكوفيون أنه قد يجوز أن يكون الشارع لما علم حاجة الرجل أعطاه المكتل من التمر بالخمسة عشر صاعا ليستعين به فيما وجب [ ص: 407 ] عليه، لا على أنه جميع ما وجب عليه، كالرجل يشكو إلى الرجل ضعف حاله، وما عليه من الدين، فيقول: خذ هذه العشرة دراهم فاقض بها دينك، وليس على أنها تكون قضاء من جميع دينه، ولكن على أن تكون قضاء لمقدارها من دينه، وهذه دعوى لا دليل عليها إلا الظن، والظن لا يغني من الحق شيئا، وقول مالك أولى بالصواب، وهو ظاهر الحديث; لأنه - عليه السلام - لم يذكر مقدار ما تبقى عليه من الكفارة بعد الخمسة عشر صاعا، ولم يكن يسعه السكوت عن ذلك حتى يبينه؛ لأنه - عليه السلام - بعث معلما.

فصل:

قوله: (هلكت) يريد بما وقع فيه من الإثم، وقد يقال أنه واقع متعمدا، وفي الناسي خلاف، ومذهبنا ومذهب مالك أنه لا كفارة عليه خلافا لابن الماجشون .

وقوله: ("تستطيع تعتق رقبة؟") احتج به الشافعي وأبو حنيفة على أن كفارة الوقاع مرتبة، وهو أحد قولي ابن حبيب .

ورواه مطرف وابن الماجشون عن مالك في "المدونة": لا أعرف غير الإطعام. وقد سلف ذلك في بابه واضحا، وعنه أنها مخيرة.

-وقال أبو مصعب : إن أفطر لجماع كفر بالعتق والصيام، وإن أفطر بأكل وشرب فالإطعام فقط.

وقال الحسن البصري : عليه عتق رقبة، أو هدي بدنة، أو عشرون صاعا لأربعين مسكينا.

فصل:

وقوله: (حتى بدت نواجذه) هو بالذال المعجمة. قال الأصمعي :

[ ص: 408 ] هي الأضراس، وهو ظاهر الحديث، ولأن جل ضحكه التبسم. وقال غيره: هي المضاحك. وقال الجوهري : هي آخر الأضراس في أقصى الأسنان بعد الأرحاء وهي ضرس الحلم; لأنها تنبت بعد البلوغ وكمال العقل، تقول: ضحك حتى بدت نواجذه: إذا استغرق فيه.

وقال ابن فارس : الناجذ: السن بين الأنياب والضرس، وقيل: الأضراس كلها نواجذ. قيل: سبب ضحكه وجوب الكفارة على هذا المجامع، وأخذه ذلك صدقة وهو غير آثم.

التالي السابق


الخدمات العلمية