التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6371 6752 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثني مالك، عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما الولاء لمن أعتق". [انظر: 2156 - مسلم: 1504 - فتح: 12 \ 39].


سلف إسناده في اللقيط.

ثم ساق حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة بريرة : "فإن الولاء لمن أعتق" قال الحكم وكان زوجها حرا. وقول الحكم مرسل. وقال ابن عباس : رأيته عبدا.

ثم ساق حديث ابن عمر مرفوعا: "إنما الولاء لمن أعتق" .

الشرح:

قال الإسماعيلي : قول الحكم ليس من الحديث، إنما هو مدرج، قال: وذكر ميراث اللقيط في الترجمة وليس له في الخبر ذكر ولا عليه دلالة، فينظر.

قلت: اكتفى بأثر عمر فيه، والظاهر أنه لم يخالف، وفي هذه المسألة أقوال لأهل العلم:

أحدها: أنه حر وولاؤه لجميع المسلمين، وإليه ذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وأبو ثور .

[ ص: 549 ] ثانيها: أن ولاءها لملتقطه، روي عن عمر وشريح ، وبه قال إسحاق بن راهويه .

ثالثها: أنه حر، فإن أحب أن يوالي الذي التقطه والاه، وإن أحب أن يوالي غيره والاه، (رواه عن علي وبه قال) عطاء وابن شهاب .

رابعها: له أن ينتقل بولائه حيث شاء، فمن يعقل عنه الذي والاه حياته، فإن عقل عنه لم يكن له أن ينتقل بولائه عنه ويرثه، قاله أبو حنيفة ، واحتج إسحاق بحديث سنين أبي جميلة ، عن عمر أنه قال له في المنبوذ: اذهب فهو حر ولك ولاؤه .

لكن قال ابن المنذر : أبو جميلة مجهول، لا يعرف له خبر غير هذا الحديث، وحمل أهل القول الأول قول عمر : لك ولاؤه، أي: أنت الذي تتولى تربيته والقيام بأمره، وهذه ولاية الإسلام لا ولاية العتق، واحتجوا بحديث الباب ("الولاء لمن أعتق") وهذا ينفي أن يكون الولاء للملتقط; لأن أصل الناس الحرية، وليس يخلو اللقيط من أحد أمرين، إما أن يكون حرا فلا رق عليه، أو يكون ابن أمة قوم فليس لمن التقطه أن يسترقه، وبهذا كتب عمر بن عبد العزيز .

وقد بين الله آيات المواريث، وسمى الوارثين، فدل أنه لا وارث له غير من ذكر في كتابه، ولو كانت الموالاة بما يتوارث بها وجب إذا ثبتت أن لا يجوز نقلها إلى غير من ثبتت له، وكما قالوا: إنه إذا والى غيره قبل أن يعقل عنه ثم والى غيره وعقل عنه كان للذي عقل عنه، علم أن [ ص: 550 ] الموالاة لا يجوز أن يتوارث بها، وقال - عليه السلام -: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" .

فصل:

اختلف في موالي الموالاة، وهو أن يتوالى رجلان لا نسب بينهما على أن يتوارثا ، فلا يصح عند مالك ، دون أبي حنيفة ، ولهما أن يفسخا الموالاة ما لم يعقل أحدهما عن الآخر، دليل الأول حديث الباب: "الولاء لمن أعتق" فبقي أن يكون ولاء بغير معتق.

فصل:

احتج أبو حنيفة والشافعي ومحمد بن عبد الحكم بقوله - عليه السلام - "إنما الولاء لمن أعتق" لقولهم: إن من أعتق عبدا عن غيره فولاؤه للمعتق خلافا لمالك ، حيث قال: إنه للمعتق عنه رضي أم لا.

فصل:

أسلفنا أن زوج بريرة هل كان حرا أم لا؟ وطريقة أهل العراق أن الأمة إذا عتقت تحت حر فلها الخيار، ومالك والشافعي وعليه أهل الحجاز : لا خيار.

التالي السابق


الخدمات العلمية