التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6373 6754 - حدثنا موسى، حدثنا أبو عوانة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود أن عائشة - رضي الله عنها - اشترت بريرة لتعتقها، واشترط أهلها ولاءها فقالت: يا رسول الله، إني اشتريت بريرة لأعتقها، وإن أهلها يشترطون ولاءها. فقال: "أعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق". أو قال: "أعطى الثمن". قال: فاشترتها فأعتقتها. قال: وخيرت فاختارت نفسها وقالت: لو أعطيت كذا وكذا ما كنت معه. قال الأسود: وكان زوجها حرا. قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: رأيته عبدا. أصح. [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 12 \ 40].


ذكر فيه حديث أبي قيس -واسمه عبد الرحمن بن مروان كما سلف- عن هزيل بن شرحبيل ، عن عبد الله قال: إن أهل الإسلام لا يسيبون، وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون .

ثم ذكر حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة بريرة ، وفيه: "إنما الولاء لمن أعتق" . أو قال: "أعطى الثمن".

وفي آخره: قال الأسود : وكان زوجها حرا. قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس : "رأيته عبدا" أصح.

الشرح:

اختلف العلماء في ميراث السائبة ، فقال الكوفيون والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور : ولاؤه لمعتقه، ونقله ابن حبيب عن [ ص: 552 ] ابن نافع وابن الماجشون ، واحتجوا بحديث الباب: ("الولاء لمن أعتق" فالعتق داخل في عموم الحديث، وغير خارج منه) ولهذا أدخله البخاري في تبويبه، وقالت طائفة: ميراثه للمسلمين، روي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وروي عن عمر بن عبد العزيز وربيعة وأبي الزناد ، وهو قول مالك ، قالوا: ميراثه للمسلمين، وعقله عليهم.

وهو مشهور مذهبه، وكأنه أعتقه عنهم، والحجة لهؤلاء أنه إذا قال: أنت حر سائبة، فكأنه قد أعتقه عن المسلمين، فكان ولاؤه لهم، وهو بمنزلة الوكيل إذا أعتق عن موكله فالولاء له دون الوكيل، وقد ثبت أن الولاء يثبت للإنسان من غير اختياره، وقال الزهري : موالي المعتق سائبة، فإن مات ولم يوال أحدا فولاؤه للمسلمين، واحتج الكوفيون فقالوا: لو قال لعبده: "أنت سائبة .. لا ملك لي عليك .. وأنت حر سائبة" أن هذا كله لا يزيل عنه الولاء; لأن "الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب" فالهبة كذلك، وبهذا قال ابن نافع وخالف مالكا فيه.

فصل:

اختلف في عتق السائبة في ثلاثة مواضع في كراهيته ولمن ولاؤه، وهل يعتق بقوله: أنت سائبة؟ أو حتى يريد بذلك العتق.

[ ص: 553 ] فقال ابن القاسم في "العتبية" من رواية أصبغ : أكرهه; لأنه كهبة الولاء. وقال أصبغ وسحنون : لا يعجبنا كراهيته، وهو جائز كما يعتق عن غيره من ولد وغيره، وقال ابن نافع : لا سائبة اليوم في الإسلام، وهو يوافق ما في "الأصل" عن ابن مسعود ، وقد قيل في قوله تعالى ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة [المائدة: 103] هو أن يقول لعبده: أنت سائبة. لم يكن عليه ولاء، وأول من سيب السوائب عمرو بن لحي ، وولاؤه قد سلف الخوض فيه، وإذا قال لعبده: أنت سائبة -يريد به العتق- فهو حر.

وقال أصبغ : هو حر وإن لم ينو; لأن لفظ التسييب عتق.

التالي السابق


الخدمات العلمية