التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
590 [ ص: 341 ] 9 - باب: الاستهام في الأذان.

ويذكر أن أقواما اختلفوا في الأذان فأقرع بينهم سعد.

615 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن سمي - مولى أبي بكر - عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا" [654، 721، 3689 - مسلم: 437 - فتح: 2 \ 96].

ذكر فيه أثرا وحديثا.

أما الأثر فقال: ويذكر أن أقواما اختلفوا في الأذان فأقرع بينهم سعد.

وهذا أخرجه البيهقي من حديث أبي عبيد، ثنا هشيم، أنا ابن شبرمة قال: تشاح الناس في الأذان بالقادسية فاختصموا إلى سعد، فأقرع بينهم، وذكر الطبري أن ذلك كان في صلاة الظهر.

وأما الحديث فهو حديث أبي هريرة: "لو يعلم الناس ما في النداء" إلى آخره.

وذكره في التهجير إلى الصلاة أيضا كما سيأتي، وفي الشهادات.

وخرجه مسلم أيضا، والمراد بالنداء: الأذان، والاستهام: الاقتراع، وفي "مجمع الغرائب" للفارسي معنى قوله: لاقترعتم عليه:

[ ص: 342 ] لتنافستم في الابتكار إليه حتى يؤدي إلى الاقتراع، فلا يمكن أحد من الوقوف فيه إلا من خرجت القرعة باسمه، وقوله: "إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" أي: لو علموا قدر فضله وعظيم جزائه، ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان كما في المغرب، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد، وقد نحا الداودي إلى هذا الاستهام في أذان الجمعة.

وقوله: "والصف الأول" أي: لو يعلمون ما في الفضيلة فيه لجاءوا إليه دفعة واحدة وضاق عنهم لم يسمح بعضهم لبعض به لاقترعوا عليه.

والصف الأول ما يلي الإمام، ولو وقع فيه حائل خلافا لمالك، وأبعد من قال إنه المبكر، حكاه القرطبي، وفضل الصف الأول باستماع القراءة والتكبير عقب تكبيرة الإمام، والتأمين معه. وروي من حديث ابن عباس رفعه: "من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي مسلما أضعف الله له الأجر"، واختلف في الضمير الذي في قوله: "إلا أن يستهموا عليه لاستهموا"، فقال ابن عبد البر: يعود على الصف الأول لقربه، وقيل: يعود على معنى الكلام المتقدم؛ لأنه مذكور، ومثله قوله تعالى: ومن يفعل ذلك يلق أثاما [الفرقان: 68] أي: ومن يفعل المذكور، ورجح لئلا يبقى النداء لا ذكر له.

[ ص: 343 ] وقوله: "ولو يعلمون ما في التهجير" أي: التبكير إلى أي صلاة كانت، وخصه الخليل بالجمعة والظهر؛ لأنها التي تقع وقت الهاجرة وهي شدة الحر نصف النهار.

وقوله: "ولو حبوا": هو بإسكان الباء وفيه: الحث العظيم على حضور جماعة هاتين الصلاتين؛ لما فيهما من المشقة، وهما أثقل الصلاة على المنافقين.

وسلف الكلام على العتمة في بابها، وفيه: دلالة لمشروعية القرعة.

التالي السابق


الخدمات العلمية