التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6399 6781 - حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر ، حدثنا أنس بن عياض ، حدثنا ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بسكران ، فأمر بضربه ، فمنا من يضربه بيده ، ومنا من يضربه بنعله ، ومنا من يضربه بثوبه ، فلما انصرف قال رجل : ماله أخزاه الله ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم " . [ انظر : 6777 - فتح 12 \ s75 ] .


ذكر فيه حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رجلا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما فأمر به فجلد ، فقال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ! فقال - صلى الله عليه وسلم - :" لا تلعنوه ، فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله " .

وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسكران فأمر بضربه ، فمنا من يضربه بيده ، ومنا من يضربه بنعله ، ومنا من يضربه بثوبه ، فلما انصرف قال رجل : ماله أخزاه الله ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم " .

[ ص: 40 ] الشرح :

قوله : ( اسمه عبد الله ) ، قد أسلفنا أنه النعيمان . قال الدمياطي : وما هنا وهم ، وقد روى ابن المنذر حديث أبي هريرة وقال فيه بعد قوله :" لا تعينوا الشيطان ولكن قولوا اللهم اغفر له " وقد أسلفنا في الباب الماضي أن المراد من قوله :" لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " الإيمان الكامل ؛ لأن الشارع شهد له بحب الله ورسوله ، وسماه أخا فيه وأمرهم أن يدعوا له بالمغفرة ، فإن قلت : فقد لعن - عليه السلام - شارب الخمر وجماعات معه ، ولعن كثيرا من أهل المعاصي ، منهم من ادعى إلى غير أبيه وانتمى إلى غير مواليه ، ولعن المصور وجماعات يكثر عددهم ، قيل : لا تعارض ، ووجه لعنته لأهل المعاصي ، يريد الملازمين لها غير التائبين منها ؛ ليرتدع بذلك من فعلها وسلوك سبيلها ، والذي نهى عن لعنه هنا قد كان أخذ منه حد الله الذي جعله مطهرا له من الذنوب ، فنهى عن ذلك ؛ خشية أن يوقع الشيطان في قلبه أن من لعن بحضرته ولم يغير ذلك ولا نهى عنه ، فإنه مستحق العقوبة في الآخرة وإن نالته في الدنيا فينفره بذلك ويغويه ، وقيل : إنما أراد أن لا تلعنوه في وجهه ، والذي لعن الشارع إنما لعن على معنى الحسن لا على معنى الإرداع ولم يعين أحدا ، وذهب البخاري إلى نحو هذا ، وأنه إن لم يسمه جاز لعنه ؛ لأنه بوب باب : لعن السارق إذا لم يسم ، كما سيأتي . وأتى بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - :" لعن الله السارق يسرق البيضة والحبل " .

[ ص: 41 ] فصل :

فيه من الفقه جواز إضحاك العالم والإمام بنادرة يندرها ، وأمر يعني به من الحق لا شيء من الباطل .

( فصل :

وحديث الباب ناسخ لقتله في الرابعة كما سلف ، وبه قال أئمة الفتوى ) .

فصل :

وقوله : كان يلقب حمارا ، لعله كان لا يكره ذلك اللقب ، وكان قد اشتهر به .

التالي السابق


الخدمات العلمية