التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6401 [ ص: 43 ] 7 - باب: لعن السارق إذا لم يسم

6783 - حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثني أبي ، حدثنا الأعمش قال : سمعت أبا صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" لعن الله السارق ، يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده " . قال الأعمش : كانوا يرون أنه بيض الحديد ، والحبل كانوا يرون أنه منها ما يسوى دراهم . [ انظر : 6799 - مسلم : 1687 - فتح 12 \ 81 ] .


ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" لعن الله السارق ، يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده " . قال الأعمش : كانوا يرون أنه بيض الحديد ، والحبل كانوا يرون أنه منها ما يساوي دراهم .

قد أسلفنا فقهه قريبا .

واحتجت به الخوارج على عدم اعتبار النصاب ، وأنه يقطع في قليل الأشياء وكثيرها ، ولا حجة لهم فيه ؛ لأن آية السرقة لما نزلت قال - عليه السلام - :" لعن الله السارق . ." إلى آخره على ( آخر ) ما نزل عليه في ذلك الوقت ، ثم أعلمه أن القطع لا يكون إلا في ربع دينار فما فوقه ، على ما روته عائشة - رضي الله عنها - كما يأتي ، ولم يكن - عليه السلام - يعلم من حكم الله إلا ما علمه الله ، ولذلك قال :" أوتيت الكتاب ومثله معه " يعني من السنن ، قاله ابن قتيبة .

[ ص: 44 ] وقول الأعمش : البيضة هنا : بيضة الحديد التي تغفر الرأس في الحرب . والحبل : من حبال السفن . تأويل لا يجوز عند من يعرف صحيح كلام العرب ؛ لأن كل واحد من هذين يساوي دنانير كثيرة .

وفي الدارقطني : من حديث أبي عتاب الدلال ، ثنا مختار بن نافع ، ثنا أبو حيان التيمي عن أبيه ، عن علي - رضي الله عنه - ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قطع في بيضة من حديد قيمتها أحد وعشرون درهما .

وهذا ليس موضع تكثير لما سرقه السارق ، ولا من عادة العرب والعجم أن يقولوا : قبح الله فلانا عرض نفسه للضرب في عقد جوهر ، وتعرض للعقوبة بالغلول في جراب مسك ، وإنما العادة في مثل هذا أن يقال : ( لعن الله فلانا ) تعرض لقطع اليد في حبل رث ، أو كبة شعر أو رداء خلق ، وكل ما كان من هذا الفن أحقر فهو أبلغ .

وقال الخطابي : إن ذلك من باب التدريج ؛ لأنه إذا استمر ذلك به لم يؤمن أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما فوقها حتى يبلغ فيه القطع فتقطع يده ، فليحذر هذا الفعل وليتركه قبل أن تملكه العادة ويموت عليها ليسلم من سوء عاقبته .

وقال الداودي : ما قاله الأعمش محتمل ، وقد يحتمل أن يكون هذا قبل أن يبين الشارع القدر الذي يقطع فيه السارق .

فصل :

قوله في الترجمة باب لعن السارق إذا لم يسم . كذا في جميع النسخ ،

[ ص: 45 ] والذي يشتق من معناه إن صح في الترجمة أنه لا ينبغي تعيير أهل المعاصي ومواجهتهم باللعنة ، إنما ينبغي أن يلعن في الجملة من فعل فعلهم ؛ ليكون ذلك ردعا وزجرا عن انتهاك شيء منها ، فإذا وقعت من معين لم يلعن بعينه ؛ لئلا يقنط أو ييأس ، ونهى الشارع عن لعن النعيمان .

قال ابن بطال : فإن كان ذهب البخاري إلى هذا فهو غير صحيح ؛ لأن الشارع إنما نهى عن لعنه بعد إقامة الحد عليه ، فدل على الفرق بين من تجب لعنته ، وبين من لا تجب ، وبان به أن من أقيم عليه الحد لا ينبغي لعنته ، ومن لم يقم عليه فاللعنة متوجهة إليه ، سواء سمي وعين أم لا ؛ لأنه - عليه السلام - لا يلعن إلا من تجب عليه اللعنة ، ما دام على تلك الحالة الموجبة لها ، فإذا تاب منها وطهره الحد فلا لعنة تتوجه إليه ، ويبين هذا قوله - عليه السلام -" إذا زنت الأمة فليجلدها ولا يثرب " ، فدل أن التثريب واللعن إنما يكون قبل أخذ الحدود وقبل التوبة .

وقال الداودي : قوله " لعن الله السارق " يحتمل الخبر ؛ ليزدجر الناس ، ويحتمل الدعاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية