التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6402 [ ص: 46 ] 8 - باب: الحدود كفارة

6784 - حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس فقال :" بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا " . - وقرأ هذه الآية كلها -" فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به ، فهو كفارته ، ومن أصاب من ذلك شيئا ، فستره الله عليه ، إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه " . [ انظر : 18 - مسلم : 1709 - فتح 12 \ 84 ] .


ذكر فيه حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مجلس فقال :" بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا " . وقرأ هذه الآية كلها :" فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارته ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه " .

هذا الحديث سلف . وللدارقطني :" ومن أصاب من ذلك شيئا فأقيم عليه الحد في الدنيا فهو له طهور ، ومن ستره الله فذلك إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " ، وله من حديث أسامة بن زيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن ابن خزيمة بن ثابت ، عن أبيه أنه - عليه السلام - قال :" من أصاب ذنبا فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته " .

ومن حديث علي مرفوعا " من أذنب في هذه الدنيا ذنبا فعوقب به فالله أكرم من أن يثني عقوبة على عبده ، ومن أذنب في هذه الدنيا ذنبا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه " .

[ ص: 47 ] وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الحدود كفارة على حديث الباب ، وما ذكرناه ، ومنهم من ( يحجم ) عن هذا لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" لا أدري الحدود كفارة أم لا " وليس جيدا ؛ لأن حديث عبادة أصح من جهة الإسناد ، ولو صح حديث أبي هريرة لأمكن أن يقوله قبل حديث عبادة ، ثم يعلمه الله أنها مطهرة على ما في حديث عبادة ، فإن قلت إن المجاز به يعارض حديث عبادة ، وهو قوله تعالى ذلك لهم خزي في الدنيا [ المائدة : 33 ] يعني الحدود ، ولهم في الآخرة عذاب عظيم [ المائدة : 33 ] فدلت أن الحدود ليست كفارة . والجواب أن الوعيد في المجاز به عند جميع المؤمنين مرتب على قوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به الآية . [ النساء : 48 ] فتأويل الآية ، إن شاء الله ذلك لقوله : لمن يشاء [ النساء : 48 ] وهذه الآية تبطل نفاذ الوعيد على غير أهل الشرك ، إلا أن ذكر الشرك في حديث عبادة مع سائر المعاصي لا يوجب أن من عوقب في الدنيا وهو مشرك ، أن ذلك كفارة له ؛ لأن الأمة مجمعة على تخليد الكفار في النار ، وبذلك نطق الكتاب والسنة ، وقد سلف هذا المعنى في كتاب الإيمان في باب علامة الإيمان حب الأنصار . فحديث عبادة معناه الخصوص فيمن أقيم عليه الحد من المسلمين خاصة أن ذلك كفارة له .

التالي السابق


الخدمات العلمية