التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6405 [ ص: 54 ] 11 - باب: إقامة الحدود على الشريف والوضيع

6787 - حدثنا أبو الوليد ، حدثنا الليث ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أن أسامة كلم النبي - صلى الله عليه وسلم - في امرأة ، فقال :" إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا يقيمون الحد على الوضيع ، ويتركون الشريف ، والذي نفسي بيده لو فاطمة فعلت ذلك لقطعت يدها " . [ انظر : 2648 - مسلم : 1688 - فتح 12 \ 86 ] .


ذكر فيه حديث عائشة ،- رضي الله عنها - : أن أسامة كلم النبي - صلى الله عليه وسلم - في امرأة ، فقال :" إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا يقيمون الحد على الوضيع ، ويتركون الشريف ، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة فعلت ذلك لقطعت يدها " .

قال المهلب : هذا يدل أن حدود الله لا يحل للأئمة ترك إقامتها على القريب والشريف ، وأن من ترك ذلك من الأئمة فقد خالف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورغب عن اتباع سبيله ، وفيه أن إنفاذ الحكم على الضعيف ومحاباة الشريف بما أهلك الله به الأمم .

ألا ترى أنه - عليه السلام - وصف أن بني إسرائيل هلكوا بإقامة الحد على الوضيع وتركهم الشريف ، وقد وصفهم الله بالكفر والفسوق لمخالفتهم أمر الله ، فقال تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [ المائدة : 44 ] الظالمون ، الفاسقون .

فصل :

وقوله :" لو أن فاطمة " إلى آخره ، كذا هو ثابت في الأصول ، وأورده ابن التين بحذف " أن " ثم قال : تقديره : لو فعلت ذلك ؛ لأن ( لو ) يليها الفعل دون الاسم ، وهذا من معنى قوله كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين [ النساء : 135 ]

[ ص: 55 ] فامتثل - عليه السلام - أمر ربه في ذلك ، وامتثله بعده الأئمة الراشدون في تقويم أهليهم فيما دون الحدود .

وذكر عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه قال : كان عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله ، فقال : إني نهيت الناس عن كذا وكذا ، والناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم ، فإن وقعتم وقعوا ، وإن هبتم هابوا ، وإني والله لا أؤتى برجل منكم وقع في شيء بما نهيته عنه إلا أضعفت عليه العقوبة لمكانه مني ، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر .

وضرب عمر أخاه الوليد بن عقبة في الخمر ، وضرب عمر ابنه عبد الرحمن في الخمر ، وضرب فيها قدامة بن مظعون وكان بدريا ، وكان خال بنيه عبد الله وحفصة وعبيد الله ، ولما أمر بضربه ، وكان أنكر شربها وأكثر عليه الجارود ، وكان فيمن شهد ، فقال له عمر : أراك خصما ، وتواعده عبد الله ، فقال له الجارود : اشرب جاروانها ، أما والله لتعجزن خالدا ولتعجزن أبوك ، فقال قدامة حين أمر بضربه وكان فيما قيل لم يكن علي شيء : قال تعالى إذا ما اتقوا [ المائدة : 93 ] ، وظن ذلك فيما يستقبل ، وإنما أنزل ذلك حين حرمت ، فلم يدر ما يقولون فيمن شربها قبل [ أن ] تحرم فنزلت ، قال عمر : وأيضا تأول كتاب الله على غير تأويله فضربه ثمانين للشرب ( وخمسين ) لتأويله .

[ ص: 56 ] وكان عبيد الله بن أبي رافع على بيت المال ، وكان في بيت المال جوهرة نفيسة فأعطاها عبيد الله أم كلثوم بنت علي وفاطمة - رضي الله عنه - تزين وتردها ، فرآها علي ، فقال : أسرقتها والله لأقطعنك ، قال له عبد الله : أنا أعطيتها إياها تزين بها وتردها ، فمن أين كان تصل إليها ؟ فبكت .

التالي السابق


الخدمات العلمية