التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6420 [ ص: 136 ] 18 - باب: سمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أعين المحاربين

6805 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك أن رهطا من عكل - أو قال : عرينة . ولا أعلمه إلا قال : من عكل - قدموا المدينة ، فأمر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بلقاح ، وأمرهم أن يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها ، فشربوا حتى إذا برئوا قتلوا الراعي واستاقوا النعم ، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - غدوة ، فبعث الطلب في إثرهم ، فما ارتفع النهار حتى جيء بهم ، فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم ، فألقوا بالحرة يستسقون فلا يسقون . قال أبو قلابة : هؤلاء قوم سرقوا ، وقتلوا ، وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله . [ انظر : 233 - مسلم : 1671 - فتح 12 \ 112 ] .


ثم ساق فيه حديث أنس - رضي الله عنه - .

وقام الإجماع على أن من وجب عليه الحد سواء كان بلغ النفس أم لا أنه لا يمنع شرب الماء لئلا يجتمع عليه عذابان ، وقد أمرنا بإحسان القتلة وأن نذبح الذبيحة بحد الشفرة والإجهاز عليها .

ومعنى ترك سقي العرنيين هو كمعنى ترك حسمهم ، ويحتمل كما قال المهلب أن يكون تركه عقوبة لهم لما جازوا سقي رسول الله لهم اللبن حتى انتعشوا بالارتداد والحرابة والقتل ، فأراد أن يعاقبهم على كفر السقي بالإعطاش فكانت العقوبة مطابقة للذنب . وفيه وجه آخر قريب من هذا ، روى ابن وهب عن معاوية بن صالح ويحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب - وذكر هذا الحديث - : فعمدوا إلى الراعي - غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتلوه واستاقوا اللقاح ، فزعم أنه - عليه السلام - قال :" عطش الله من عطش آل محمد الليلة " .

فكان ترك سقيهم إجابة لدعوته - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 137 ] فإن قلت : قال أنس في هذا الحديث : فذهبوا بإبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ، وفي ( أول ) كتاب المحاربين : بإبل الصدقة . فما وجه ذلك ؟

قيل : وجهه أنه كانت له إبل من نصيبه من المغنم ، فكان يشرب لبنها ، وكانت ترعى مع إبل الصدقة ، فأخبر مرة عن إبله ومرة عن إبل الصدقة ، فإنها كانت لا تخفى لكثرتها من أجل رعيها معها ومشاركتها لها في السرح والمرتع .

ويحتمل وجها ثانيا : أنها إبل الصدقة ، وأضيفت إليه ؛ لأنه مصرفها والغنم شأنها فنسبت إليه لذلك لا لأنها ملك له .

فصل :

قوله : ( فما ترجل النهار حتى جيء بهم ) . أي : ارتفع .

وقوله : ( فأمر بمسامير فأحميت ) . هو صحيح ؛ لأن أحميت الحديد رباعي ، وسمر وسمل واحد .

وقوله : ( حتى إذا برئوا ) هو بفتح الراء ، كذا هو في الأصول مضبوط ، وقال ابن التين : من قرأه بالكسر على وزن علموا .

قال الجوهري : برئت من الذنوب والعيوب براءة ، وبرئت من المرض برءا بالضم ، وأهل الحجاز يقولون : برأت من المرض برءا .

قال ابن فارس : برأت من المرض وبرئت أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية