التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6430 6816 - قال ابن شهاب ، فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله قال : فكنت فيمن رجمه ، فرجمناه بالمصلى ، فلما أذلقته الحجارة هرب ، فأدركناه بالحرة فرجمناه . [ انظر : 5270 - مسلم : 1691 - فتح 12 \ 121 ] .


ثم ساق حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة ماعز .

وموضع الحاجة : فقال :" أبك جنون ؟" وأثر علي أخرجه النسائي مرفوعا من حديث جرير بن حازم ، عن سليمان بن مهران ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : مر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بمجنونة بني فلان قد زنت ، فأمر عمر - رضي الله عنه - برجمها فردها علي ، وقال لعمر : أما تذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" رفع القلم عن ثلاثة المجنون المغلوب على عقله ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم " قال : صدقت فخلى عنها ، ثم روى عن عطاء بن السائب ، عن أبي ظبيان : أن عمر - رضي الله عنه - أتي بامرأة قد زنت معها ولد فأمر برجمها فمر بها علي - رضي الله عنه - فأرسلها . الحديث .

[ ص: 157 ] ومن حديث أبي حصين عن أبي ظبيان ، عن علي - رضي الله عنه - قال :" رفع القلم عن ثلاث " الحديث ، قال النسائي : وهذا أولى بالصواب وأبو حصين أثبت من عطاء ، وما حدث جرير بن حازم بمصر فليس بذاك ، وحديثه عن يحيى بن أيوب أيضا ليس بذاك ، ثم قال النسائي : ما فيه شيء صحيح ، والموقوف أصح وأولى بالصواب .

وحديث جرير أخرجه أبو داود أيضا ، وقد توبع على رواية ، تابعه أبو الأحوص وحماد بن أبي سلمة وعبد العزيز بن عبد الصمد وغيرهم ، وأخرجه أبو داود من طريق جرير عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ، وقد بسطته في تخريجي لأحاديث الرافعي الكبير ، فليراجع منه .

فصل :

قام الإجماع على أن المجنون إذا أصاب الحد في جنونه أنه لا حد عليه ، وإن أفاق من جنونه بعد ذلك لرفع القلم عنه إذ ذاك ، والخطاب غير متوجه إليه حينئذ .

ألا ترى قوله - عليه السلام - للذي شهد أربع شهادات :" أبك جنون ؟" فدل قوله هذا أنه لو اعترف بالجنون لدرأ الحد عنه ، وإلا فلا فائدة لسؤاله هل بك جنون أم لا ؟ وقام الإجماع أيضا على أنه إذا أصاب رجل حدا وهو صحيح ثم جن بعد ، أنه لا يؤخذ منه الحد حتى يفيق ، وعلى أن من وجب عليه حد غير الرجم وهو مريض يرجى برؤه أنه

[ ص: 158 ] ينتظرونه حتى يبرأ فيقام عليه ، فأما الرجم فلا ينتظر فيه ؛ لأنه إنما يراد به التلف فلا وجه للاستثناء .

وفي " الإشراف " عن أحمد : لا يؤخر ، يرجى برؤه أم لم يرج .

فصل :

قوله في حديث أبي هريرة : ( فلما أذلقته الحجارة هرب ) ، هو ظاهر في تركه إذ ذاك ، وهو مذهبنا كما ستعلمه ومذهب أحمد ، وخالف الكوفيون فقالوا : إن هرب وطلبه الشرط واتبعوه في فوره ذلك أقيم عليه بقية الحد ، وإن أخذوه بعد أيام لم يقم عليه بقيته ، دليلنا قوله - عليه السلام -" هلا تركتموه " أخرجه أبو داود من حديث يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه في القصة المذكورة ، وأخرجه الحاكم في " مستدركه " وقال : صحيح الإسناد . وأخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة ، وقال : حسن . والحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم .

وقال ابن المنذر : يقام عليه الحد بعد يوم وبعد أيام وسنين ؛ لأن ما وجب عليه لا يجوز إسقاطه بمرور الأيام والليالي ، ولا حجة مع من أسقط ما أوجبه الله من الحدود ، وقد بين جابر بن عبد الله معنى قوله :" فهلا تركتموه " أنه لم يرد بذلك إسقاط الحد عنه فيما أخرجه ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة قال : حدثني حسن بن محمد ، عن علي قال : سألت جابرا عن قصة ماعز ، فقال : أنا أعرف الناس بهذا الحديث ، كنت فيمن رجمه ، إنا لما رجمناه فوجد من

[ ص: 159 ] الحجارة صرخ بنا : يا قوم ردوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن قومي قتلوني وغروني عن نفسي ، أخبروني أنه - عليه السلام - غير قاتلي ، فلم ننزع عنه حتى قتلناه ، ولما رجعنا إلى رسول الله أخبرناه قال :" فهلا تركتم الرجل وجئتموني "
ليتثبت رسول الله فيه ، فأما لترك حد فلا .

فصل :

واختلفوا إذا أقر بالزنا ثم رجع عن إقراره ، فقالت طائفة : يترك ولا يحد ، هذا قول عطاء والزهري والثوري والكوفيين والشافعي وأحمد وإسحاق ، واختلف عن مالك في ذلك فحكى عنه القعنبي أنه إذا اعترف ، ثم رجع وقال : إنما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا ، لشيء يذكره أن ذلك يقبل منه ، فلا يقام عليه الحد .

وقال أشهب : يقبل رجوعه إن جاء بعذر وإلا لم يقبل ، وروى ابن عبد الحكم عن مالك أنه إذا اعترف بغير مجنة ثم نزع لم يقبل منه رجوعه ، وقاله أشهب وأهل الظاهر .

وممن روى عنه عدم القبول ابن أبي ليلى والحسن البصري ، واحتج الشافعي بالحديث السالف :" هلا تركتموه " فكل حديثه فهو كذا ، وبقوله له :" لعلك قبلت أو غمزت " ، فالشارع كان يلقنه ويعرض عليه بعد اعتراف قد سبق منه ، فلو أنه قال : نعم قبلت أو غمزت لسقط عنه حد الرجم ، وإلا لم يكن لتعريضه لذلك معنى ، فعلم أنه إنما لقنه لفائدة وهي الرجوع ، وحجة الآخرين أن الحد لازم بالبينة أو بالإقرار ، وقد تقرر أنه لو لزم الحد بالبينة لم يقبل رجوعه ، فكذا الإقرار .

[ ص: 160 ] قالوا : وقوله :" هلا تركتموه " لا يوجب إسقاط الحد ، ويحتمل أن يكون لما ذكره جابر أولا من النظر في أمره والتثبت في المعنى الذي هرب من أجله ، ولو وجب أن يكون الحد ساقطا ( عنه ) بهربه لوجب أن يكون مقتولا خطأ ، وفي تركه - عليه السلام - إيجاب الدية على عواقل القاتلين له بعد هربه دليل على أنهم قاتلون من عليه القتل ، إذ لو كان دمه محقونا بهربه لأوجب عليهم ديته ، وليس في شيء من إخباره دلالة على الرجوع عما أقر به ، وأكثر ما فيه أنه سأل عندما نزل به من الألم أن يرد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يقل : ما زنيت .

قال ابن المنذر : وهذا القول أشبه بالصواب .

فصل :

روى الشافعي عن رجل ، عن عنبسة ، عن علي بن عبد الأعلى ، عن أبيه ، عن أبي جحيفة أن عليا - رضي الله عنه - أتى بصبي قد سرق بيضة فشك في احتلامه ، فأمر به فقطعت بطون أنامله ، قال الشافعي : لا أعلم أحدا يقول بهذا ، إنما يقولون : ليس على صبي ( قطع ) حتى يحتلم أو يبلغ خمس عشرة سنة .

قال البيهقي : أورده أبو عبد الله فيما ألزم العراقيين في خلاف علي ، وفي إسناده نظر .

فصل :

لا يخفى أن هذا الرجل هو ماعز بن مالك الأسلمي كان يتيما عند

[ ص: 161 ] هزال ، فأمره هزال أن يأتي رسول الله فيخبره فوقع ما وقع .

فصل :

فيه الرجم من غير جلد ، وخالف فيه مسروق وأهل الظاهر في الجمع .

فصل :

معنى ( أذلقته ) : أحرقته ، كما جاء في رواية : وأوجعته ، قال الداودي ، وقال ابن فارس : الإذلاق : سرعة الرمي ، وعبارة غيره : بلغت منه الجهد حتى ذلق ، وهو بالذال المعجمة والقاف ، وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تصوم في السفر حتى أذلقتها السموم أي : أذابتها ، ويقال : جهدتها .

قال ابن الأعرابي : أذلقه الصوم : أضعفه .

ويروى أن أيوب - عليه السلام - قال في مناجاته : أذلقني البلاء ، فتكلمت . أي : جهدني ، وكل ما آذاك فقد أذلقك .

وفي " الصحاح " : الذلق بالتحريك : القلق ، وقد ذلق بالكسر ، وأذلقته ، وأما ( ذلق ) بالتسكين من كل شيء : حده . وقال بعضهم : هو بدال مهملة ، ومعناه : خروج الشيء من موضعه بسرعة ، يقال : دلق السيف من غمده : إذا خرج بسرعة لم يسله ، ويقال : دلق السيل على القوم : إذا خرج عليهم ولم يشعروا به ، فكأن الحجارة آتية من كل مكان كالسيل إذا ظهر على الوادي فلا يدرى من أين جاء .

[ ص: 162 ] فصل : في نبذ من فوائد حديث الباب :

البخاري أخرجه من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، وفي آخره : قال ابن شهاب : فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله قال : فكنت فيمن رجمه . . الحديث .

الظاهر أن المحدث لابن شهاب أبو سلمة ، كما أخرجه بعد في باب الرجم بالمصلى ، حيث ساقه من حديث معمر عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر ، وفي آخره : فقال له - عليه السلام - :" خيرا " وصلى عليه . ولم يقل يونس وابن جريج عن الزهري : فصلى عليه .

وفي بعض نسخ البخاري : سئل أبو عبد الله : فصلى عليه يصح ؟ ، قال : رواه معمر . قيل له : رواه غير معمر ؟ قال : لا . ثم ساقه - في باب رجم المحصن - البخاري من حديث يونس عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر .

ومتابعة ابن جريج أخرجها مسلم ، حدثنا إسحاق ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن ابن جريج ، عن الزهري ، عن أبي سلمة فذكره .

وقال البيهقي قوله : ( فصلى عليه ) خطأ لإجماع أصحاب عبد الرزاق على خلافه ، ثم إجماع أصحاب الزهري على خلافه . وقال غيره : قد اضطرب في ذلك ، ففي حديث أبي سعيد : فما استغفر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا سبه ، وفيه : فما حفرنا له .

[ ص: 163 ] وقال أبو داود : ولم يصل عليه .

وأخرج له مسلم من حديث بريدة مطولا ، وفيه طلب الاستغفار له ، وفي آخره :" لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم " ، وفيه : أنه حفر له حفرة ، وفي رواية له في قصة العامدية : ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها ثم أمر الناس فرجموها . وفي رواية من حديث نعيم بن هزال أن المزني بها كانت جارية لهزال ترعى يقال لها فاطمة ، وفي " السنن " لأبي قرة : قال ابن جريج : اختلفوا ، فقائل يقول : ربط ماعز إلى شجرة ، وفيها : أنه طول في الأوليين من الظهر حتى كاد الناس يعجزون عنها من طول الصلاة . وفيها : رماه ابن الخطاب بلحي بعير فأصاب رأسه فقتله . وفيها : فقيل يا رسول الله أنصلي عليه ؟ قال :" لا " وفي الغد طول أيضا ، وقال : صلوا على صاحبكم ، فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس .

وفي " سنن " الكجي من حديث اللجلاج :" لا تقولوا خبيث ، لهو عند الله أطيب من ريح المسك " ، وفي " مسند عبد الله ( بن وهب )" من حديث يزيد بن نعيم بن هزال فلقيت عبد الله بن أنيس وهو نازل من مأدبته وأخذ له وظيفا من بعير فرماه به فقتله ، وفيه من حديث أبي ذر أنه قال له :" ألم تر إلى صاحبكم قد غفر له وأدخل الجنة " .

[ ص: 164 ] وفي " ( علل ) الترمذي المفردة " من حديث أبي الفيل أنه - عليه السلام - قال :" لا تشتمه " يعني ماعز بن مالك ، ثم قال : سألت البخاري عنه فقال : لا أعلم أحدا رواه عن سماك غير الوليد بن أبي ذر . قلت له : أبو الفيل له صحبة ؟ قال : لا أدري ، ولا أعرف اسمه ولا يعرف له غير هذا الحديث الواحد .

قال ابن عبد البر : وروى قصة ماعز في قصة اعترافه بالزنا ورجمه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس وجابر بن عبد الله وابن سمرة وسهل بن سعد ونعيم بن هزال وأبو سعيد الخدري ، وفي أكثرها أنه اعترف أربع مرات ، وفي بعضها : مرتين ، وفي بعضها : ثلاثا .

قلت : ورواها أيضا الصديق أخرجها الترمذي في " علله المفردة " ، وأبو بردة أخرجها ابن أبي شيبة في " مصنفه " ، ( وعلي ) وأبو ذر - أخرجه ابن وهب - واللجلاج وأبو الفيل كما سلف .

فصل :

روى أبو داود من حديث سهل بن سعد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رجلا أتاه فأقر عنده أنه زنى بامرأة سماها ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المرأة فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت ، فجلده الحد وتركها .

[ ص: 165 ] فصل :

تكراره - عليه السلام - ماعزا ليعرض له بالرجوع ، وقال البيهقي : لم يكن لاشتراط التكرار في الاعتراف ، ولكنه كان يستنكر عقله ، فلما عرف صحته استفسر منه الزنا ، فلما فسره أمر برجمه ، ولهذا قال في حديث ابن عباس في البخاري كما سيأتي :" أنكتها ؟"- لا يكني .

ونقل ابن حزم عن طائفة الاكتفاء بمرة في الحدود ، وأنه قول الحسن بن حي وحماد بن أبي سليمان وعثمان البتي ومالك والشافعي وأبي ثور وأبي سليمان وجميع أصحابهم .

وعن طائفة أخرى : لا يقام على أحد حد الزنا بإقراره حتى ( يقر ) أربع مرات ، ولا يقام عليه حد القطع والسرقة حتى يقر به مرتين ، وحد الخمر كذلك ، وفي القذف واحدة ، وأنه مروي عن أبي يوسف .

وأنه لما ذكر ابن حزم حديث العامدية قال : فيه البيان الجلي من الشارع لأي شيء رد ماعزا ، وأنه لا يحتاج إلى ترديدها لظهور ما أقرت به ، فدل على أن ترديده ما كان للإقرار ، وإنما كان لتهمة عقله أو أنه لا يدريه .

قال : وحديث [ ابن مضاض ، فإن ابن مضاض مجهول ] لا يدرى من هو - عن أبي هريرة في ترداد ماعز أربعا . قلت : صوابه عبد الرحمن بن الهضهاض .

[ ص: 166 ] قال أبو حاتم : وهو أصح من ( هضاض ) . وذكر الخلاف البخاري في " تاريخه " ، وقال عبد الرزاق : ابن الصامت حديثه في أهل الحجاز ليس يعرف إلا بهذا ( الوجه ) ، وذكره مسلم في " طبقاته " في الطبقة الأولى من أهل المدينة .

وقال : عبد الرحمن بن صامت ابن عم أبي هريرة ، وقال حماد بن سلمة : ابن هياض ، وقال بعضهم : ( هضهاض ) ، وزاد في كتاب " الوحدان " هضابا ، ثم قال : الله أعلم أيهم الحافظ للصواب . وذكره ابن حبان في " ثقاته " . وقال مسلمة بن القاسم في كتابه : معروف ، قال : وقد جاء عن أبي هريرة حسن صحيح ببيان بطلان ظنهم ، ثم ساقه من حديث عبد الرحمن بن الصامت عن أبي هريرة أنه سمعه يقول : جاء الأسلمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشهد على نفسه أربع مرات بالزنا ، يقول : أتيت امرأة حراما . كل ذلك يعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأقبل في الخامسة فقال :" أنكحتها ؟" قال : نعم . قال :" فهل تدري ما الزنا ؟" قال : نعم ، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من أهله حلالا . قال :" فما تريد بهذا القول ؟" قال : أريد أن تطهرني . قال : فأمر به فرجم ، فهذا خبر صحيح .

[ ص: 167 ] وفيه : أن الشارع لم يكتف بتقريره أربعا حتى أقر في الخامسة ، ثم لم يكتف بذلك حتى سأله السادسة :" هل تعرف ما الزنا ؟" فلما عرف أنه يعرفه لم يكتف بذلك حتى سأله في السابعة :" ما تريد بهذا ؟" ليختبر عقله ، فلما عرف عقله أقام عليه الحد .

قلت : فكأنه يرى غير ابن الهضهاض .

فصل :

اختلف العلماء في الحفر للمرجوم ، قال أبو عمر : روي عن علي أنه حفر لشراحة إلى السرة ، وأن الناس أحدقوا لرجمها ، فقال : ليس هكذا الرجم إني أخاف أن يصيب بعضكم بعضا ، ولكن صفوا كما تصفون في الصلاة ، ثم قال : والرجم رجمان ، رجم سر ، ورجم علانية ، فما كان منه بإقرار ، فأول من يرجم الإمام ثم الناس ( وما كان منه ببينة ، فأول من يرجم البينة ، ثم الإمام ، ثم الناس ) .

وقد أسلفنا الحفر له وللعامدية ، وفي ابن أبي شيبة من حديث أبي عمران : سمعت شيخنا يحدث عن ابن أبي بكرة ، عن أبيه أنه - عليه السلام - رجم امرأة فحفر إلى السرة .

وقال مالك : لا يحفر للمرجوم ، وإن حفر للمرجومة فحسن .

وفي كتاب ابن بطال : ولا يحفر لهما ، وإن حفر فحسن .

وقال الشافعي وابن وهب : إن شاء حفر ، وإن شاء لم يحفر .

[ ص: 168 ] وقال أحمد : [ أكثر الأحاديث ] على ألا يحفر . لا جرم قال أصبغ : يستحب أن يحفر لهما ، ويرسل يداه يدرأ بهما عن وجهه .

وقال أشهب : الأحسن أن لا يحفر له . وروي عنه : يحفر له ، كما سلف عن أصبغ ، وحكي في " الإشراف " عن أبي حنيفة أن الإمام مخير في ذلك ، وعن الشافعي : يحفر لها إن ثبت زناها بالبينة دون الإقرار . وبه قال الفرضي من المالكية .

التالي السابق


الخدمات العلمية