التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6439 6826 - قال ابن شهاب : أخبرني من سمع جابرا قال : فكنت فيمن رجمه ، فرجمناه بالمصلى ، فلما أذلقته الحجارة جمز ، حتى أدركناه بالحرة فرجمناه . [ انظر : 5270 - مسلم : 1691م - فتح 12 \ 136 ] .


ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة ماعز ، فإنه - عليه السلام - قال " أحصنت ؟" . قال : نعم يا رسول الله . قال :" اذهبوا به فارجموه " .

ولازم على كل إمام أن يسأل المقر إن كان محصنا أو غير محصن ؛ لأنه - عليه السلام - قد فرق بين حد المحصن والبكر ، فواجب عليه أن يقف على ذلك ، كما يجب عليه إذا أشكل ( إعلام ) المقر أن يسأله .

ثم بعد ذلك يلزمه تصديق كل واحد منهما ؛ لأن الحد لا يقام إلا باليقين ، ولا يحل فيه التجسس .

[ ص: 201 ] ولما كان قوله مقبولا في اللمس والغمز كان قوله مقبولا في الإحصان ، فالباب واحد في ذلك . ولا شك أنه إذا لم يعلم بحاله أن سؤاله عن إحصانه واجب ، وإن علم بإقراره قبل فلا .

واختلف إذا لم يسمع منه إقرار ولا إنكار على ثلاثة أقوال للمالكية ، قال ابن القاسم : يقبل قوله وإن طال مكثه مع زوجته ، إلا أن يعلم غير ذلك بظهور حمل أو سماع .

وقال في النكاح الثالث من " المدونة " : إذا أحدت امرأة في زنا ، وكانت أقامت عشرين سنة لم يقبل قولها .

وقال عبد الملك : عند محمد لا يقبل قول من أنكر من الزوجين ، والرجم قائم ولو لم يقم معها إلا ليلة واحدة ، قال محمد : وهو قول أصحابنا وقول ابن القاسم .

وإن اختلفا بعد الدخول حد المنكر ، واختلف في المقر فقيل : يحد حد البكر ، وقيل : حد الثيب ، إلا أن يرجع عما كان أقر به ، وإن كان الزوج يدعي الإصابة ، ثم الآن [ قال ] كنت قلت ذلك لأملك الرجعة ، أو كانت الزوجة مدعية الإصابة ، وقالت : قلت ذلك لأشتمل الصداق أو غير ذلك من العذر حلف ، وحد حد البكر .

فصل :

قوله : ( فلما أذلقته الحجارة جمز ) سلف معنى أذلقته ، و ( جمز ) : أسرع يهرول .

[ ص: 202 ] قال الجوهري وابن فارس : الجمز : ضرب من السير أشد من العنق . وقال بعض السلف ( لرجل ) : اتق الله قبل أن يجمز بك ، يريد : السير السريع في جنازته . وقال الكسائي : الناقة تعدو الجمز . وهو العدو الذي ينزو .

فصل :

قد أسلفنا اختلاف العلماء في الاعتراف بالزنا الذي يجب فيه الحد ، هل يفتقر إلى عدد ؟ على ثلاثة مذاهب ، وأن ابن أبي ليلى والثوري وأحمد اعتبروه في مجلس ، وأن أبا حنيفة والكوفيين اعتبروه في مجالس ، وأن الشافعي ومالكا وأبا ثور قالوا : يكفي مرة ، وروي عن الصديق وعمر ، وقد أجبنا عن شبهة من اعتبر بعدده ، قالوا : ولما كان الزنا مخصوصا من بين سائر الحقوق بأربعة شهداء جاز أن يكون مخصوصا بإقرار أربع مرات ، وحجة من لم يشترطه قصة العامدية ،

وقوله لأنيس :" فإن اعترفت فارجمها " ولم يقل أربعا ، فلا معنى لاعتباره ، وأيضا فإنه لا يدل على مخالفة الزنا لسائر الحقوق في أنه مخصوص بأربعة شهداء على مخالفته في الإقرار ؛ لأن القتل مخالف للأموال في الشهادات ، فلا يقبل في القتل إلا شاهدان ، ويقبل في

[ ص: 203 ] الأموال شاهد وامرأتان ، ثم اتفقنا في باب الإقرار أنه يقبل فيه إقرار مرة ، ولو وجب اعتبار الإقرار بالشهادة لوجب أن لا يقبل في الموضع الذي لا يقبل فيه إلا شاهدان [ أو ] الإقرار مرتين ، وقد أجمع العلماء أن سائر الإقرارات في الشرع يكفي فيها مرة واحدة ، وإن أقر بالردة مرة واحدة يلزمه اسم الكفر ، والقتل لازم عليه ، فلزم في الزنا مثله ، وإنما لم يقم عليه أول مرة ؛ لما سلف من أنه - عليه السلام - لما رآه مخيل الصورة فزعا أراد التثبت في أمره ، هل به جنة أم لا ؟ مع أنه كره ما سمع منه

فأعرض عنه رجاء أن يستر على نفسه ويتوب إلى الله ، ألا ترى أنه لقنه بقوله :" لعلك لمست أو غمزت " فلا معنى لاعتبار العدد في الإقرار

التالي السابق


الخدمات العلمية