التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
599 625 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت عمرو بن عامر الأنصاري، عن أنس بن مالك قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم كذلك يصلون [ ص: 366 ] الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء. قال عثمان بن جبلة، وأبو داود عن شعبة: لم يكن بينهما إلا قليل. [انظر: 503 - مسلم: 837 - فتح: 2 \ 106]


ذكر فيه حديثين:

أحدهما: حديث عبد الله بن مغفل المزني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بين كل أذانين صلاة - ثلاثا - لمن شاء".

وهذا الحديث ذكره البخاري في موضعين آخرين من الصلاة كما ستعلمه وفي الاعتصام.

وأخرجه مسلم وباقي الجماعة، والمراد بالأذانين: الأذان والإقامة، وهي أيضا إعلام أو هو من باب التغليب كالأبوين والعمرين والقمرين.

الحديث الثاني: حديث غندر، عن شعبة، عن عمرو بن عامر، عن أنس بن مالك قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -،

[ ص: 367 ] يبتدرون السواري حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء.
ثم قال البخاري: تابعه عثمان بن جبلة، وأبو داود، عن شعبة: لم يكن بينهما إلا قليل.

وأبو داود: هو الحفري عمر بن سعد، وأخرجه النسائي من حديث أبي عامر عن سفيان، عن عمرو.

قال ابن عساكر: قد رويا عنه، أعني: شعبة وسفيان، وأخرجه الإسماعيلي من طريق عثمان بن عمر، عن شعبة، وفي روايته: قام كبار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فابتدروا السواري. وفيه: وكان بين الأذان والإقامة قريب.

وفي مسلم نحوه من حديث عبد الوارث. والمختار بن فلفل، وقد سلف في باب الصلاة إلى الأسطوانة من حديث قبيصة، عن سفيان، عن عمرو بن عامر، عن أنس قال: لقد رأيت كبار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري عند المغرب.

قال الداودي: حديث أنس مفسر بحديث ابن مغفل، ولولا ذلك لاحتمل أن يقال: بين أذان الظهر وأذان العصر أو غيرهما من الصلوات.

قلت: ولا منع من حمله على ذلك، ومعنى الابتدار: الإسراع، وفيه: الصلاة إلى السواري استتارا بها من المار، وقد سلف في موضعه.

وقوله: ولم يكن بينهما شيء: يعني: شيئا كثيرا بدليل الرواية [ ص: 368 ] السالفة والأخرى، وكان بينهما قريب، وترجمة البخاري: كم بين الأذان والإقامة، لا حد فيه أكثر من اجتماع الناس، ولكن دخول الوقت، وفي "صحيح الحاكم" - وقال: على شرط الشيخين - من حديث علي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكون في المسجد حتى تقام الصلاة فإذا رآهم قليلا جلس وإذا رآهم جماعة صلى.

وفيه من حديث جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: إذا أذنت فترسل، إذا أقمت فاحدر واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه، والمحتصر إذا دخل لقضاء الحاجة، ثم قال: هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فايد والباقون شيوخ البصرة، وهذه سنة غريبة ولا أعرف لها إسنادا غير هذا.

قلت: في إسناده معه عبد المنعم، لا جرم ضعفه الترمذي، فقال: هذا إسناد مجهول ولا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم، وقد أجاز الصلاة قبل المغرب أحمد وإسحاق، واحتجا بهذا الحديث، وأباه سائر الفقهاء، وسنبسط الكلام في ذلك في موضعه في باب التطوع - إن شاء الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية