التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6484 [ ص: 338 ] 6 - باب: قول الله تعالى : أن النفس بالنفس الآية [ المائدة : 45 ]

6878 - حدثنا عمر بن حفص ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمارق من الدين التارك الجماعة " [ مسلم : 1676 - فتح 12 \ 102 ]


ثم ساق حديث مسروق ، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمفارق لدينه ، التارك الجماعة "

الشرح :

سلف الكلام على هذه الآية وأنها ليست بناسخة ؛ لأن البقرة عند ابن عباس كالمفسرة لها ، وأن أهل العراق جعلوها ناسخة لها ، والأول أولى لوجهين :

أحدهما : أن هذا تفسير ابن عباس .

والثاني : أنه قول يوافق بعضه بعضا والتنزيل على نسق واحد ، وقول أهل العراق ليس ( يتسق ) ؛ لأنهم أخذوا أول الآية وهو النفس بالنفس وتركوا ما وراء ذلك ، وليس لأحد أن يفرق ما جمعه الله ، فيأخذ بعضه دون بعض ، إلا أن يفرق بين ذلك كتاب أو سنة .

فصل :

وقوله : (" والثيب الزاني ") لا يدخل فيه العبد ، وقد اتفق الكوفيون

[ ص: 339 ] مع مالك : أن من شروط الإحصان الموجبة للرجم عندهم الحرية والبلوغ ، فإذا زنا العبد وإن كان ذا زوجة فحده الجلد عندهم ، فكما لا يدخل العبد في عموم الثيب الزاني كذا لا يدخل في عموم النفس بالنفس .

فصل :

وقوله : (" لدينه ") هو عام في جميع الناس ؛ لإجماع الأمة أن بالردة يجب القتل على كل مسلم فارق دينه عبدا كان أو حرا ، فخص هذا بالإجماع . وقال أبو الحسن القابسي : قوله :" المفارق لدينه " يريد الخارج منه ، فيحتمل أن يكون خروجه ترك الجماعة أو يبقى عليها ، فيقاتل على ذلك حتى يفيء إلى دينه ، وإلى الجماعة ، وليس بكافر بخروجه ، ويمكن أن يكون خروجه كفرا وارتدادا ، وقيل : يحتمل أن يريد من يسعى في الأرض فسادا .

وقال الداودي : هذا الحديث منسوخ بقوله تعالى : من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض [ المائدة : 32 ] فأباح القتل بالفساد ، وبقوله : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية [ الحجرات : 9 ] والقتال يؤدي إلى القتل فأباحه بالبغي وبحديث قتل الفاعل والمفعول به ، الذي يعمل عمل قوم لوط . وقيل : هما في الفاعل بالبهيمة . وقال عمر - رضي الله عنه - : من بايع رجلا من غير مشورة ، قتل من بويع ومن بايع . وقال عمر بن عبد العزيز : تستتاب القدرية ، فإن تابوا وإلا قتلوا ، قال مالك : وذلك رأيي .

[ ص: 340 ] قال سحنون : من بان بداره ودعا إلى بدعته يقاتل حتى يرجع إلى الجماعة ، وإن لم يبن بداره ودعا إلى بدعته سجن ، وكرر عليه المغترب حتى تعلم توبته أو يموت كفعل عمر - رضي الله عنه - في صبيغ . وقال كثير من العلماء : إن تارك الصلاة يقتل .

قال : وهذا كله غير الثلاث . قال : وقد يكون قال ذلك قبل نزول الفرائض وأكثر الحدود .

التالي السابق


الخدمات العلمية