التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6488 [ ص: 350 ] 9 - باب: من طلب دم امرئ بغير حق

6882 - حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن عبد الله بن أبي حسين ، حدثنا نافع بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" أبغض الناس إلى الله ثلاثة : ملحد في الحرم ، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه " . [ فتح: 12 \ 210 ]


ذكر فيه حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" أبغض الناس إلى الله - عز وجل - ( ثلاثة ) : ملحد في الحرم ، ومبتغ في الاسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دما بغير حق ليهريق دمه " .

الشرح :

المراد أبغض أهل الذنوب ممن هو من جملة ( المسلمين ) ، ولا يجوز أن يكون هؤلاء أبغض إليه من أهل الكفر ، وقد عظم الله تعالى الإلحاد في الحرم في كتابه فقال : ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم [ الحج : 25 ] فاشترط أليم العذاب لمن ألحد في الحرم زائدا على عذابه لو ألحد في غير الحرم . وقيل : كل ظالم فيه ملحد .

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : احتكار الطعام بمكة إلحاد .

وقال ابن مسعود : مكثرهم القتل بمكة .

وقال أهل اللغة : المعنى : ومن يرد فيه إلحادا بظلم والباء زائدة .

[ ص: 351 ] وخالف الزجاج فقال : مذهبنا أن الباء ليست زائدة ، والمعنى : ومن أراد فيه بأن يلحد بظلم ، ومعنى الإلحاد لغة : العدل عن القصد ، ومنه سمي اللحد ، ولحد وألحد ، وخالف الأحمر فحكى : ألحد : إذا جار ، ولحد إذا عدل ، وحكى الفراء عن بعضهم : ومن يرد من الورود ، واستبعده النحاس ، قال : لأنه إنما يقال : وردته ، ولا يقال : وردت فيه .

وقوله : (" ومبتغ ") ( روي ) بالغين والعين المهملة ، والذي شرحه ابن بطال الأول ؛ فقال : والمبتغي في الإسلام سنة الجاهلية فهو طلبهم بالذحول غير القاتل وقتلهم كل من وجدوه من قبله ، ومنها انتهاك المحارم ، واتباع الشهوات ؛ لأنها كانت مباحة في الجاهلية فنسخها الله تعالى بالإسلام وحرمها على المؤمنين ، وقال - عليه السلام - :" الإيمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن " ، ومنها النياحة والطيرة والكهانة وغير ذلك ، وقد قال - عليه السلام - :" من رغب عن سنتي فليس مني " .

وأما إثم الدم الحرام فقد عظمه الله في غير موضع من كتابه وعلى لسان نبيه ، حتى قال بعض الصحابة : ( إن القاتل ) لا توبة له ، وقد سلف بيان مذاهب العلماء في ذلك .

[ ص: 352 ] فائدة :

( أبغض ) هو أفعل من أبغض ، وأبغض رباعي وهو شاذ لا يقاس عليه ، ومثله ما أعدم ( من أعدم ) إذا افتقر ، وكذلك قول عمر - رضي الله عنه - في الصلاة : ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع . وإنما يقال : أفعل من كذا للمفاضلة في الفعل الثلاثي .

وقوله : (" ومطلب ") كذا في الأصول : وذكره ابن التين بلفظ " ومن طلب " ثم قال : أصله ( مطلب ) اسم ، مفتعل من طلب فأبدلت التاء طاء وأدغمت التاء في الطاء .

وقوله : ( امرؤ ) يعرب منه حرفان الراء والهمزة في أشهر اللغات .

وثانيها : فتح الراء على كل حال ، والإعراب في الهمزة ، ثالثها : ضم الراء على كل حال .

التالي السابق


الخدمات العلمية