التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6489 [ ص: 353 ] 10 - باب: العفو في الخطإ بعد الموت

6883 - حدثنا فروة ، حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : هزم المشركون يوم أحد .

وحدثني محمد بن حرب ، حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكرياء ، عن هشام ، عن عروة ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : صرخ إبليس يوم أحد في الناس : يا عباد الله ، أخراكم . فرجعت أولاهم على أخراهم حتى قتلوا اليمان ، فقال حذيفة : أبي أبي . فقتلوه ، فقال حذيفة : غفر الله لكم . قال : وقد كان انهزم منهم قوم حتى لحقوا بالطائف . [ انظر : 3290 - فتح 12 \ 211 ]


حدثنا فروة بن أبي المغراء ، ثنا علي بن مسهر ، عن هشام بن عروة ، وفي بعض النسخ : عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها - : هزم المشركون يوم أحد .

وحدثني محمد بن حرب ، ثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكرياء - الواسطي ، وهو غساني شامي مات سنة ثمان وثمانين أو تسعين ومائة ، من أفراده - عن هشام ، عن عروة ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : صرخ إبليس يوم أحد في الناس : يا عباد الله ، أخراكم . فرجعت أولاهم على أخراهم حتى قتلوا اليمان ، فقال حذيفة : أبي أبي . فقتلوه ، فقال حذيفة : غفر الله لكم . قال : وقد كان انهزم منهم قوم حتى لحقوا بالطائف

وقد سلف في غزوة أحد ، وهذا أصل مجمع عليه ، أن عفو الولي لا يكون إلا بعد الموت ؛ لأنه يمكن أن يبرأ ، وأما عفو القتيل فإنه يكون قبله ، قال علي بن أبي طالب : إن أعش فأنا ولي دمي ،

[ ص: 354 ] وإن أمت فأنتم وذاك .

وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن قتادة أن عروة بن مسعود الثقفي دعا قومه إلى الله وإلى رسوله ، فرماه رجل منهم بسهم فمات فعفا عنه ، رفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجاز عفوه ، وعن الحسن أنه كان يقول : إذا عفا الرجل عن قاتله في العمد قبل أن يموت فهو جائز . وقال ابن طاوس : قلت لأبي : الرجل يقتل فيعفو عن ديته . قال : جائز . قال : قلت : خطأ أم عمد ؟ قال : نعم .

وزعم أهل الظاهر أن العفو لا يكون للقتيل ولا يكون إلا للولي خاصة ، وهو خطأ ؛ لأن الولي إنما جعل إليه القيام لما هو للقتيل من أمر نفسه من أجل ولايته له ومحله منه ، فالقتيل أولى بذلك وإنما فهم العفو في هذا الحديث من قول حذيفة : ( غفر الله لكم ) ، وقد كان يتوجه الحكم إلى اليمان إلى أخذ الدية من عاقلة المقاتلين وإن لم يعرف منهم .

قال ابن التين : ويحتمل أن يريد بقوله : ( غفر الله لكم ) : ترك الدية ، ويحتمل أن يكون ذلك قبل أن تفرض الدية ، أو سكت عنها لعلم السامع . قلت : قد جاء مصرحا به أنه تصدق بديته على المسلمين .

فصل :

وترجم عليه باب : إذا مات في الزحام أو قتل .

وقد اختلف العلماء فيمن مات في يوم الزحام ولا يدرى من قتله ، فقالت طائفة : دمه في بيت المال ، روي ذلك عن عمر وعلي ، وبه قال إسحاق .

[ ص: 355 ] وقالت أخرى : ديته على من حضر ، وهو قول الحسن البصري والزهري ومروان بن الحكم .

وقالت أخرى : يقال لوليه : ادع على من شئت . فإذا حلف على أحد بعينه أو جماعة يمكن أن يكونوا قاتليه في الجمع ، ( و ) استحق على عواقلهم الدية في ثلاث سنين ، هذا قول الشافعي .

وقال مالك : دمه هدر .

ووجه من قال : إنه في بيت المال ، أنا قد اتفقنا أن من مات من فعل قوم من المسلمين ( ولم ) يتعين من قتله فحسن أن يودى من بيت المال ؛ لأن بيت مالهم كالعاقلة .

ووجه الثاني : أنا قد أيقنا أن من فعلهم مات فلا تتعدى إلى غيرهم ، وهو أشبه بحديث الباب ؛ لأن حذيفة قال : ( غفر الله لكم ) يدل أنه لم يغفر لهم ( إلا ما له مطالبتهم به ) ، ألا ترى قوله فيه هناك : فلم يزل في حذيفة منها بقية . يريد : أنها ظهرت بركة ذلك العفو عنهم .

ووجه قول الشافعي أن الدماء والأموال لا تجب إلا بالطلب ، فإذا ادعى أولياء المقتول على قوم وأتوا بما يوجب القسامة حلفوا واستحقوا ، ووجه قول مالك أنه لما لم يعلم قاتله بعينه علم يقين استحال أن يؤخذ أحد فيه بالظن ، فوجب أن يهدر دمه .

[ ص: 356 ] فصل :

وقوله : ( وكان انهزم منهم قوم حتى لحقوا بالطائف ) . قال الداودي : يعني من المشركين وكان الله تعالى أزال المشركين ، وقال رسوله لهم :" لا تبرحوا حتى يؤذن لكم " فهزم المشركون فمال القوم للغنيمة فصرف الله وجوههم وهزموا وقتل من المسلمين يومئذ سبعون .

قال الداودي : قتل من المهاجرين أربعة ومن الأنصار سبعون .

وقال غيره : أربعة من المهاجرين وأحد وستون من الأنصار ، وفيها نزلت إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان [ آل عمران : 155 ] ، قال مالك : ولم يكن في عهده - عليه السلام - ملحمة هي أشد ولا أكثر قتلى منها وكانت سنة ثلاث ( من الهجرة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية