التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6498 6893 - حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن صفوان بن يعلى ، عن ، أبيه قال : خرجت في غزوة ، فعض رجل فانتزع ثنيته ، فأبطلها النبي - صلى الله عليه وسلم - . [ انظر : 1848 - مسلم : 1674 - فتح 12 \ 219 ]


ذكر فيه حديث زرارة بن أوفى - وهو أبو حاجب العامري الجرمي قاضي البصرة - عن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - أن رجلا عض يد رجل فنزع يده من فيه فوقعت ثنيتاه ، فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال :" يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل ، لا دية لك " .

وحديث صفوان بن يعلى ، عن أبيه قال : خرجت في غزوة ، فعض رجل ( فانتزع ) ثنيته ، فأبطلها النبي - صلى الله عليه وسلم - .

الشرح :

حديث عمران - رضي الله عنه - سلف ، ولأبي داود من حديث يعلى :" إن شئت أن أمكنه من يدك فيعضها ثم تنزعها من فيه " وهذا الرجل المعضوض أجير يعلى لا يعلى على ما صححه الحفاظ ، وإن كان يحتمل تعدد الواقعة .

[ ص: 378 ] واختلف العلماء في هذا الباب :

فقالت طائفة : من عض يد رجل فانتزع المعضوض يده من في العاض فقلع سنا من أسنان العاض ، فلا شيء عليه في السن ، وروي عن الصديق وشريح ، وهو قول الكوفيين والشافعي ، قالوا : ولو جرحه المعضوض في موضع آخر فعليه ضمانه .

وقال ابن أبي ليلى ومالك : هو ضامن لدية السن .

وقال عثمان البتي : إن كان انتزعها من ألم ووجع أصابه فلا شيء عليه ، وإن انتزعها من غير ألم فعليه الدية .

حجة الأولين حديث الباب ، وفي لفظ :" أينزع يده من فيه فيعضه كما يعض الفحل ، لا دية له " وهذا خبر لا تجوز مخالفته لصحته ، ولعدم مخالف له .

قالوا : ولا يختلفون أن من شهر سلاحا وأومأ إلى قتل رجل وهو صحيح العقل ، فقتله المشهور عليه دفعا له عن نفسه ، أنه لا ضمان عليه ، فإذا لم يضمن نفسه فدفعه عن نفسه كذلك لا يضمن مثله بدفعه إياه عن عضه .

احتج أصحاب مالك فقالوا : يحتمل أن يكون سقوط الثنية من شدة ( العض ) لا من نزع صاحب اليد يده ؛ لأنه قال : نزع يده فسقطت ثنية العاض ؛ ولهذا لم يجب له شيء ، وإن كان من فعل صاحب اليد ، فقد كان يمكنه أن يخلص يده من غير قلع سنه ، فلذلك وجب عليه ضمانها .

[ ص: 379 ] واعتذر ابن داود وابن بطال عن هذا الحديث بأن مالكا لم يروه ، ولو رواه ما خالفه ؛ ولأنه من رواية أهل العراق ، وهو غير جيد ؛ لأن حديث يعلى بن أمية - الذي هو مثل حديث عمران - رواه عنه ابنه صفوان وهما حجازيان ، لا جرم أخذ به من ( أصحابه ) ابن وهب ويحيى بن عمر ، وحكي عن مالك أيضا ، وقال يحيى بن عمر : لو بلغ مالكا ما خالفه .

ومن غرائب الحكايات : ما حكاه أبو الفرج الأصبهاني في " تاريخه " : أن فلانا - سماه - كان في سمار الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، فبينما هو عنده إذ نعس الخليفة فعطس الرجل عطسة شديدة انزعج لها الخليفة وقال : إنما أردت التشويش علي بهذه العطسة . فحلف أنها لعطاسته دائما . فقال : لئن لم تأتني بمن يشهد لك على ذلك لأنكلن بك ، فجاء رجل من خواص الخليفة ، فقال : أشهد أنه عطس يوما فسقط ضرسان من أضراسه .

فصل :

الثنية : مقدم الأسنان ، ويعض : بفتح العين ؛ لأن أصل ماضيه عضض على وزن علم ، فيكون مستقبله يعضض ، مثل : مس يمس ( أصله : يمسس ) ، ومنه قوله تعالى : ويوم يعض الظالم على يديه [ الفرقان : 27 ] قال الجوهري : عن أبي عبيدة : وعضضه لغة في الرباب . يعني : قبيلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية