التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6510 6908 - قال : ائت من يشهد معك على هذا . فقال محمد بن مسلمة : أنا أشهد على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذا . [ انظر : 6906 - مسلم : 1683 - فتح 12 / 247 ]

6908 م - حدثني محمد بن عبد الله ، حدثنا محمد بن سابق ، حدثنا زائدة ، حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، أنه سمع المغيرة بن شعبة يحدث عن عمر أنه استشارهم في إملاص المرأة مثله . [ انظر : 6905 - مسلم : 1683 - فتح 12 / 247 ]


ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها ، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها بغرة : عبد أو أمة . وقد سلف في الفرائض .

[ ص: 458 ] وحديث هشام ، عن أبيه ، عن المغيرة : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغرة : عبد أو أمة . فشهد محمد بن مسلمة أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى به .

ثم رواه من حديث هشام عن أبيه أن عمر نشد الناس : من سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في السقط ؟ فقال المغيرة : أنا سمعته قضى فيه بغرة : عبد أو أمة . قال : ائت بمن يشهد معك على هذا . فقال محمد بن مسلمة : أنا أشهد به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذا .

ثم ساقه من حديث هشام ، عن أبيه ، أنه سمع المغيرة يحدث عن عمر : أنه استشارهم في إملاص المرأة . بمثله .

الشرح :

قد أسلفنا الكلام على ذلك في باب الفرائض ، وأسلفنا أن الغرة الخيار ، وأصلها البياض الذي يكون في وجه الفرس .

وكان أبو عمرو بن العلاء يقول : الغرة عبد أبيض أو أمة بيضاء . وسمي غرة لبياضه . ولا يقبل في الدية عبد أسود ولا جارية سوداء .

وليس ذلك شرطا عند الفقهاء ، وإنما الغرة عندهم ما بلغ منه نصف عشر الدية للعبيد والإماء ، وإنما تجب الغرة في الجنين إذا سقط ميتا كما سلف هناك ، فإن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة .

وفي حديث ذي الجوشن " ما كنت لأقضيه اليوم بغرة " سمى الفرس غرة ، وأكثر ما يطلق على العبد والأمة ، ويجوز أن يكون أراد بالغرة : النفيس من كل شيء ، فالتقدير : ما كنت لأقضيه بالشيء النفيس المرغوب فيه .

[ ص: 459 ] وذكرنا هناك الاختلاف في قيمة الغرة ، فقال مالك في " الموطأ " : ولم أسمع أن أحدا يخالف في الجنين أنه لا تكون فيه الغرة حتى يزايل أمه ويسقط من بطنها ( ميتا ) ، فإن خرج حيا ثم مات ففيه الدية .

واحتج غيره له بأن الجنين إذا لم يزايل أمه في حال حياتها فحكمه حكم أمه ولا حكم له في نفسه ؛ لأنه عضو منها ، فلا غرة فيه ؛ لأنه تبع لأمه .

وكذلك لو ماتت وهو في جوفها لم يجب فيه شيء لا دية ولا قصاص ، فإن زايلها قبل موتها ولم يستهل ففيه غرة عبد أو أمة ؛ لأن الشارع إنما حكم في جنين زايل أمه ميتا ، وهذا حكم مجمع عليه . وسواء كان الجنين ذكرا أو أنثى إنما فيه غرة .

فإذا زايل أمه واستهل ففيه الدية كاملة ؛ لأن حكمه قد انفرد عن حكم أمه وثبتت حياته ، فكان ( له ) حكم نفسه دون حكم أمه .

ألا ترى أنها لو أعتقت أمه لم يكن عتقا له ؟ ولو أعتقت وهي حامل به كان حرا بعتقها ؟ ولا خلاف في هذا أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية