التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6535 6934 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا الشيباني ، حدثنا يسير بن عمرو قال : قلت لسهل بن حنيف : هل سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في الخوارج شيئا ؟ قال : سمعته يقول - وأهوى بيده قبل العراق - :" يخرج منه قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية " . [ مسلم : 1068 - فتح 12 \ 290 ] .


ذكر فيه حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي فقال : اعدل . . . الحديث ، سلف بطوله في باب : علامات النبوة .

[ ص: 574 ] وقال هنا :" ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء " إلى آخر الحديث .

وحديث الشيباني - وهو أبو إسحاق الشيباني سليمان - ثنا يسير بن عمرو - ويقال : بالهمز بدل الياء - المحاربي ، قال : قلت لسهل بن حنيف : هل سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في الخوارج شيئا ؟ قال : سمعته يقول - وأهوى بيده قبل العراق - :" يخرج منه قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية " .

واعترض الإسماعيلي فقال : الحديث الأول إنما هو في ترك القتل لا القتال المنفرد الذي لا يقاتل كيف يقاتل ؟ فإذا أظهروا رأيهم ونصبوا للقتال فقتالهم حينئذ واجب ، وإنما ترك قتل ذي الخويصرة ؛ لأنه لم يكن أظهر ما قد يستدل بمثله على ما رواه ؛ لأن قتل من يظهر عند الناس العبادة والصلاح قبل استحكام أمر الإسلام ورسوخه في قلوب الأبعدين منفر لهم عن الدخول في الإسلام ، وكذا قال الداودي .

قوله : ( باب : من ترك ) . ليس بشيء ، لم يكن له فيه يومئذ مقاتل . ولو قال : لم يقتل لأصاب ، وتسميته إياهم من الخوارج لم يكن يومئذ هذا الاسم ، إنما سموا به لخروجهم على علي - رضي الله عنه - .

وقال ابن بطال : لا يجوز ترك قتال من خرج على الأمة وشق عصاها ، وأما ذو الخويصرة فإنما ترك الشارع قتله ؛ لأنه عذره لجهله ، وأخبر أنه من قوم يخرجون ويمرقون من الدين ، فإذا خرجوا وجب قتالهم .

[ ص: 575 ] وقد أخبرت عائشة - رضي الله عنها - أنه - عليه السلام - لم يكن ينتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله ، وكان يعرض عن الجاهلين .

وقد وصف الله تعالى كرم خلقه فقال : وإنك لعلى خلق عظيم [ القلم : 4 ] .

قال المهلب : والتآلف إنما كان في أول الإسلام ؛ لحاجتهم إليه ، أما إذ أعلى الله الإسلام ورفعه على غيره ، فلا يجب التآلف إلا أن تنزل ( بالمسلمين ) ضرورة يحتاج فيها إلى التآلف فللإمام ذلك .

فصل :

و ( الرمية ) : الطريدة المرمية ، فعيلة بمعنى مفعولة ، يقال : شاة رمي إذا رميت ، ويقال : بئس الرمية الأرنب . فتدخل الهاء كما ذكره ابن بطال ، وهي عبارة الأصمعي قال : هي الطريدة التي يرميها الصائد : وهي كل دابة مرمية .

قال ابن سيده : يذهب إلى أن الهاء غالبا إنما تكون للإشعار بأن الفعل لم يقع بعد بالمفعول ، وكذلك يقولون : هذه ذبيحتك . للشاة التي لم تذبح بعد كالضحية ، فإن وقع عليها الفعل فهي ذبيح .

وفي " الصحاح " : إنما جاءت الهاء لأنها صارت في عداد الأسماء ، وليس هو على رميت فهي مرمية ، وعدل به إلى فعيل .

[ ص: 576 ] وفي " الجامع " للقزاز : الرمية ما رميت به من قسي . هكذا يقال مذكرا كان أو مؤنثا ، فإذا بينته قلت : ظبية رمية ، ونسر رمي ، فيذكر مع اسم المذكر ويؤنث مع اسم المؤنث .

و ( القذذ ) : ريش السهم ، كل واحدة قذة ، وقال ثابت : قذتا الجناحين جانباه .

قال أبو حاتم : القذتان : الأذنان . وعبارة ابن التين : القذذ : الريش ، وهو جمع قذة : وهي الريشة ، وأصل القذة : قطع أطراف الريش على مثال القذة .

وقال الداودي : القذذ عند الريش .

فصل :

والنضي بفتح النون وكسر الضاد على مثال فعيل - كذا رويناه - وحكي كسر النون : وهو القدح قبل أن ينحت ، قاله الأصمعي ، وهو موافق للحديث ؛ لأنه ذكر النصل قبل النضي في الحديث ، وقال أبو عمرو الشيباني : هو أصل السهم ، ويرده ما ذكرناه .

وفي " الصحاح " : هو ما بين الريش والنصل . وعبارته ما قارب الريش من العود ، وقيل : إنه العود الذي عند أصل الأنبوبة ، وتنضى أي : تخلع وتقرع .

وقوله : (" سبق الفرث والدم ") يعني : أنه مر سريعا في الرمية ، وخرج لم يعلق به من الفرث والدم شيء ، فشبه خروجهم من الدم ولم يتعلق منه شيء . ، بخروج ذلك السهم .

[ ص: 577 ] وقوله : (" تدردر ") يعني : تضطرب تذهب وتجيء ، ومثله : تذبذب وتقلقل وتزلزل قال الخطابي : ومنه : دردر الماء . قلت : وأصل تدردر تتدردر ، فحذفت إحدى التاءين ، أي : زحزح يجيء ويذهب . والثدي يذكر ويؤنث للمرأة والرجل ، ( قاله الجوهري . وقال ابن فارس : هو للمرأة ، والجمع ) : ثدى .

قال : وثندؤة الرجل كثدي المرأة ، وهو مهموز إذا ضم أوله ، فإذا فتح لم يهمز ، ويقال : هو طرف الثدي .

فصل :

وقوله : (" على حين فرقة ") قد أسلفنا هناك أنه روي بالنون ، وبالخاء المعجمة والراء .

قال ابن التين : رويناه بالحاء المهملة وبالنون .

وضم الفاء من فرقة ، أي : افتراق .

قال الداودي : يعني ما كان يوم صفين ، وروي بالمعجمة ، وكان النعتان جميعا قال : ويحتمل أن يقولهما .

فصل :

وقول عمر - رضي الله عنه - : ( دعني أضرب عنقه ) ولم ينكر الشارع عليه ، فيه دليل أن قتله مباح فإن إبقاءه جائز لعلة . وبقيت فوائد أسلفناها هناك .

التالي السابق


الخدمات العلمية