التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6547 6946 - حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن أبي عمرو -هو ذكوان - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قلت : يا رسول الله ، يستأمر النساء في أبضاعهن ؟ قال : " نعم " . قلت : فإن البكر تستأمر فتستحي فتسكت . قال : "سكاتها إذنها " . [انظر :5137 - مسلم : 1420 - فتح: 12 \ 319 ]


ثم ساق حديث خنساء بنت خذام الأنصارية أن أباها زوجها وهي ثيب ، فكرهت ذلك ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد نكاحها .

وقد سلف .

وحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : قلت : يا رسول الله ، يستأمر النساء في أبضاعهن ؟ قال : "نعم " . قلت : إن البكر تستأمر فتستحي فتسكت . فقال : "سكاتها إذنها" وسلف أيضا .

وإدخال البخاري الآية في هذا الباب لا أدري ما وجهه إلا أن يقال : قد نهي عن الإكراه على البغاء الذي لم يحل أصلا ، فكذا الإكراه على النكاح .

[ ص: 35 ] وفي حديث خنساء دليل أن نكاح المكره لا يصح ، وهو مذهبنا ومذهب مالك ، قال محمد بن سحنون : أجمع أصحابنا على إبطال نكاح المكره والمكرهة ، قالوا : ولا يجوز المقام عليه ؛ لأنه لم ينعقد .

وقال ابن القاسم : لا يلزم المكره ما أكره عليه من نكاح أو طلاق أو عتق أو غيره .

قال محمد بن سحنون : وأجاز أهل العراق نكاح المكره ، قالوا : ولو أكره على أن ينكح امرأة بعشرة آلاف درهم وصداق مثلها ألف درهم ، أن النكاح جائز ويلزمه الألف ويبطل الفضل .

قال محمد بن سحنون : فكما أبطلوا الزائد على الألف بالإكراه ، فكذلك لزمهم إبطال النكاح به ، وقولهم خلاف السنة الثابتة في قصة خنساء ، وفي أمره - عليه السلام - باستئمار النساء في أبضاعهن ، فلا معنى لقولهم ، وأما من جهة النظر فإنه نكاح على خيار ولا يجوز النكاح به .

قال سحنون : وإنما شبه بنكاح الخيار ؛ لأنه إذا أجازه ورضي به فإنما رضي بما كان له رده فأشبه ما عقد على الخيار ، وما عقد به لو مات أحدهما قبل انقضاء مدته لم يتوارثا عند جميع أصحاب مالك .

قال سحنون : فإن وطئها المكره على النكاح غير مكره على الوطء والرضا بالنكاح لزمه النكاح على المسمى من الصداق ودرئ عنه الحد ، وإن قال : وطئتها على غير رضى مني بالنكاح فعليه الحد والصداق المسمى ؛ لأنه مدع لإبطال المسمى بهذا ، وتحد المرأة إن أقدمت

[ ص: 36 ] وهي عالمة أنه مكره على النكاح ، وأما المكرهة عليه وعلى الوطء فلا حد عليها ، ولها الصداق ، ويحد الواطئ .

فصل :

وفي خبر خنساء قبول خبر الواحد وقبول خبر المرأة .

فصل :

وقولها : ( البكر تستأمر فتستحي ) ، أكثر العلماء على أن نكاح ابنته الصغيرة جائز ؛ لقوله تعالى : واللائي لم يحضن [الطلاق : 4 ] ولإنكاح الصديق الصديقة ، وانفرد ابن سيرين فقال : لا يزوجها إلا برضاها .

وقال أحمد : إذا بلغت تسع سنين ونحوها استأمرها ، وذكر ابن القصار أن البكر الصغيرة لا خلاف فيها أنه يجبرها .

وقال الأوزاعي وأبو حنيفة والثوري : إن كانت صغيرة أجبرها وإن كانت كبيرة فلا ، وحمل أصحاب مالك قوله : ("والبكر تستأمر " ) على اليتيمة ، وكذا هو مفسر في رواية شعبة ، وفيه رد على الخطابي في قوله : الاستئمار لا يكون إلا نطقا والاستئذان يكون بدونه ، وقوله : (تستحي ) هو بياء واحدة ، وفيه لغة أخرى (تستحيي ) بياءين ، قال تعالى : إن الله لا يستحيي [البقرة : 26 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية