التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6548 [ ص: 37 ] 4 - باب: إذا أكره حتى وهب عبدا أو باعه لم يجز

وبه قال بعض الناس : فإن نذر المشتري فيه نذرا ، فهو جائز بزعمه ، وكذلك إن دبره .

6947 - حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر - رضي الله عنه - أن رجلا من الأنصار دبر مملوكا ولم يكن له مال غيره ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " من يشتريه مني ؟ " . فاشتراه نعيم بن النحام بثمانمائة درهم . قال : فسمعت جابرا يقول : عبدا قبطيا مات عام أول . [انظر : 2141 - مسلم : 997 - فتح: 12 \ 320 ]


ثم ساق حديث جابر - رضي الله عنه - في المدبر أنه لم يكن له مال غيره ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "من يشتريه مني ؟ " . فاشتراه نعيم بن النحام .

كذا وقع ، وصوابه نعيم النحام ، كما نبه عليه الدمياطي - بثمانمائة درهم ، قال : فسمعت جابرا يقول : عبدا قبطيا مات عام أول .

وقد سلف .

والإجماع قائم على أن الإكراه على البيع والهبة لا يجوز ، وما ذكر فيه عن أبي حنيفة وهو المراد بـ (بعض الناس ) أنه إن أعتقه أو دبره الموهوب أو المشتري فهو جائز ، فإنما قاس ذلك على البيع الفاسد ، فإنه إذا مات بتدبير أو عتق مضى ، وكان على المفوت له القيمة يوم فوته ، والفرق بين بيع المكره وبين البيع الفاسد بين ، وذلك أن بائع البيع الفاسد راض بالبيع وطيبة به نفسه ، لكنه لما أوقعه على خلاف السنة فسد ، وكان فيه القيمة ، والمشتري إنما اشتراه بوجه من وجوه الحل والتراضي الذي شرطهما الله في البيع . والمكره على الهبة والبيع لم تطب نفسه على ذلك فلا يجوز إمضاء ما لم تطب به نفسه بتفويته .

[ ص: 38 ] وقال محمد بن سحنون : أجمع أهل العراق معنا أن بيع المكره باطل ، وهذا يدل أن البيع عندهم غير ناقل للملك ، ثم نقضوا هذا بقولهم : إذا أعتق المشتري أو رد فليس للبائع رد ذلك فيقال لهم : هل (وقع ) الإكراه ناقلا للملك ؟ فإن قالوا : لا ، بطل عتق المشتري وتدبيره كما بطلت هبته ، وإن كان ناقلا للملك فأجيزوا كل شيء صنع المشتري من هبة وغيرها ، وإذا قصد المشتري الشراء بعد علمه بالإكراه صار كالغاصب ، وقد أجمع العلماء في عتق الغاصب أن للسيد أن يزيله ويأخذ عبده .

وقال أهل العراق : له أن يضمن إن شاء الذي ولي الإكراه ، وإن شاء المشتري العتق فجعلوه في معنى الغاصب ، وقالوا : إن بيع المشتري شراء فاسدا ماض ويوجب القيمة ، ففرقوا بينه وبين البيع الفاسد وجعلوه كالغاصب .

ووجه استدلال البخاري بحديث جابر في هذه المسألة : أن الذي دبره لما لم يكن له مال غيره كان تدبيره سفها في فعله ، فرد الشارع ذلك من فعله ، وإن كان ملكه للعبد صحيحا كان من اشتراه شراء فاسدا ولم يصح له ملكه إذا دبره أو أعتقه أولى أن يرد فعله من أجل أنه لم يصح له ملكه ، وأما الداودي فقال : ذكر البخاري لبيع المدبر ليس من هذا الباب ؛ لأنه لا إكراه فيه إلا أن يريد أنه - عليه السلام - باعه وكان كالمكره له على بيعه ولم يرد بالإكراه فيما يجوز ؛ لأن [ ص: 39 ] حاكما لو أكره رجلا على بيع ماله ليؤدي دينه كان إكراهه جائزا ، والذي ذكر المالكية في هذه القصة أنه دبر وعليه دين ، ولذلك باعه الشارع .

فائدة :

قوله : ( فاشتراه نعيم بن النحام ) كذا وقع هنا ، وفي الأحكام ، في باب : بيع الإمام على الناس . وصوابه نعيم النحام كما نبه عليه الدمياطي .

التالي السابق


الخدمات العلمية