التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6554 [ ص: 59 ] 2 - باب في الصلاة

6954 - حدثني إسحاق ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " . [انظر : 135 - مسلم : 225 - فتح: 12 \ 329 ]


ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السالف : " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " .

معنى هذا الباب : الرد على أبي حنيفة في قوله : إن المحدث في صلاته يتوضأ ويبني على ما تقدم ، وهو قول ابن أبي ليلى ، وقال مالك والشافعي في الجديد : يستأنف . محتجين بهذا الحديث ، وبقوله : "لا صلاة إلا بطهور " ثم هو في حال الانصراف غير مصل ؛ لانتفاء طهارته فامتنع البناء ، وكل حدث منع الابتداء منع البناء يوضحه سبق المني ، فكذا غيره .

وقد اتفقنا على المنع من الدوام ، وكذا البناء ، فإن احتج الكوفي بالراعف ، وأنه يبني . قيل : الرعاف عندنا لا ينافي حكم الطهارة ، والحدث ينافيها ، ألا ترى أن متعمده لا تنتقض طهارته [كما لو بدره ، والحدث ] ينافيها ، ألا ترى أنكم لم تفرقوا بين تعمد الحدث وسبقه في النقض ، وفرقتم بين تعمد المني والرعاف وغلبته في الصلاة ، وفرقتم بين الإحداث في الصلاة ، فقلتم : إذا غلبه المني اغتسل [ ص: 60 ] واستأنف ، وإذا غلبه الحدث الأصغر بنى ، وفرقنا نحن بين الحدث وبين ما ليس يحدث .

وهذا الحديث أيضا يرد على أبي حنيفة : أن من قعد في الجلسة الأخيرة مقدار التشهد ، ثم [حدث فصلاته تامة ، ذهب إلى أن التحلل من الصلاة يقع بما يضادها من قول أو فعل ولا يتعين بالسلام . وخالفه في هذا سائر العلماء ، فقالوا : لا تتم الصلاة إلا بالسلام ، ولا يجوز التحلل بما يفسدها إلا إذا اعترض في خلالها على طريق النسيان ؛ كالحج لا يجوز أن يقع التحلل منه بالجماع ؛ لأنه لو طرأ في خلاله فسد ، فكذلك الصلاة لو أحدث في خلالها ناسيا لأفسدها ولا يتحلل منها بتعمد الحدث .

وروي عن ابن القاسم كقول أبي حنيفة ذكره عنه في "المنتقى " ، فيما حكاه ابن التين عنه .

وقال الداودي : يريد من أحدث وصلى ولم يتوضأ وهو يعلم أنه يخدع الناس بصلاته كما وقع لمهاجر أم قيس وخادع فيها ، والله أعلم بسريرته .

التالي السابق


الخدمات العلمية