التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
[ ص: 149 ] 6 - باب: رؤيا يوسف

وقوله تعالى : إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا إلى قوله عليم حكيم . [يوسف : 4 - 6 ] . وقوله تعالى : يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل إلى قوله : وألحقني بالصالحين [يوسف : 100 - 101 ] . فاطر والبديع والمبتدع والبارئ والخالق واحد ، من البدء : بادئة . [فتح: 12 \ 376 ]


الشرح :

رؤيا يوسف - عليه السلام - حق ووحي من الله كرؤيا سائر الأنبياء ، ألا ترى قول يوسف لأبيه يعقوب - عليهما السلام - : يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا والأحد عشر كوكبا إخوته أنبياء يستضاء بهم كما يستضاء بالكواكب ، والقمر أبوه والشمس أمه . قاله ابن عباس والضحاك ، ونقله ابن التين عن قتادة أيضا ، ثم قال : وقال غيرهما أبوه وخالته . ونقل ابن بطال هذا عن قتادة ، وأخبر الله تعالى عن الكواكب والشمس والقمر كما يخبر عمن يعقل رأيتهم لي ساجدين إذ تفسيرها فيمن يعقل .

وروي عن سليمان قال : كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة . وكذا قال عبد الله بن شداد بن الهادي قال : وذلك منتهى الرؤيا وقيل : بعد ثمانين .

وقوله : ويعلمك من تأويل الأحاديث . قال مجاهد : تأويل الرؤيا . وقال غيره : أي أخبار الأمم ، ثم قال : ويتم نعمته عليك فأخبر أنه [ ص: 150 ] يكون نبيا بقوله : كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق . والبدو : أصحاب العمود والخيمة والخباء . قال الحسن : كان بين مفارقة يوسف أباه واجتماعهما ثمانون سنة لا يهدأ فيها ساعة من البكاء . وليس حينئذ أحد أكرم على الله من يعقوب - عليه السلام - . وألقي في الجب وهو ابن السبع عشرة سنة ، وعاش بعد إلقائه ثلاثا وعشرين سنة ، ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة .

وقوله : وعلمتني من تأويل الأحاديث يجوز أن تكون (من ) هنا للتبعيض ، نظيره : وتله للجبين [الصافات : 153 ] يريد وضع بعض وجهه وهو الجبين ؛ لأنه من الوجه ، وعبارة "الصحاح " ، أي : مرغه كما تقول كبه لوجهه .

وقول يعقوب له صلى الله وسلم عليهما : لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا . قال له ذلك لما علم من تأويل الرؤيا ، فخاف أن يحسدوه ، وكان تبين له الحسد منهم له . وهذا أصل أن لا تقصص الرؤيا على غير شفيق ولا ناصح ، (ولا تقص ) على من لا يحسن التأويل ، وقد أسلفنا حديثين في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية