التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6596 6997 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، حدثني ابن الهاد عن عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد الخدري ، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من رآني فقد رأى الحق ، فإن الشيطان لا يتكونني" [فتح: 12 \ 383 ]


ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : " من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، ولا يتمثل الشيطان بي " .

[ ص: 163 ] قال أبو عبد الله : قال ابن سيرين : إذا رآه على صورته .

وحديث أنس - رضي الله عنه - " من رآني في المنام فقد رآني ؛ فإن الشيطان لا يتخيل بي ، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة " .

وحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - : " الرؤيا الصالحة من الله ، والحلم من الشيطان ، فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا وليتعوذ من الشيطان ، فإنها لا تضره ، وإن الشيطان لا يتزايا بي " .

وفي رواية : " من رآني فقد رأى الحق " . تابعه يونس وابن أخي الزهري .

وحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - : " من رآني فقد رأى الحق ، فإن الشيطان لا يتكونني " .

الشرح :

هذه المتابعة أخرجها مسلم ، عن أبي خيثمة : ثنا يعقوب بن إبراهيم عنه قال : ثنا عمي ، فذكره . قال الإسماعيلي : وتابعه أيضا -يعني : الزبيدي - عقيل وشعيب وابن جريج وعمر التيمي ، ومعاوية بن يحيى قال : والحديثان -إن شاء الله - صحيحان عن أبي هريرة ، وعن أبي قتادة من حديث أبي سلمة .

قلت : وروي من طريق أخرى أيضا ، ولفظ أبي داود في حديث أبي هريرة : "أو لكأنما رآني في اليقظة " . وفي ابن ماجه في الأخير بإسناد ضعيف : "لا يتمثل بي " وفي "الأوسط " للطبراني زيادة بعد :

[ ص: 164 ] "لا يتمثل بي " : "ولا بالكعبة " ثم قال : لا تحفظ هذه اللفظة إلا في هذا .

وأخرجه مسلم من طريق جابر بلفظ : " من رآني في النوم فقد رآني ، إنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي " . وأخرجه الترمذي من طريق ابن مسعود بلفظ : " من رآني في المنام فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل بي " . وأخرجه ابن ماجه من طريق أبي جحيفة بلفظ : " من رآني في المنام فكأنما [رآني في ] اليقظة ، إن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل بي " وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق خلف بن خليفة ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن أبيه بلفظ : " من رآني في المنام " .

ومن طريق ابن عباس ، وفيه يزيد (الرقاشي ) : " إن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل بي ، فمن رآني في النوم فقد رآني " .

[ ص: 165 ] قال ابن الباقلاني معناه : أنه رأى الحق وأن هذه رؤيا صحيحة ليست بأضغاث أحلام ولا من تشبهات الشيطان . يؤيده قوله : "فقد رأى الحق " . أي : الرؤيا الصحيحة ، وقد سلف الكلام في ذلك ، وروينا في "منام الفاسي " أنه سأله عن هذا الحديث من طريق أبي هريرة فقال : صحيح ، قلت : قلته ، وليس على سنده غبار . فقلت : أرى صورة الرسول التي كان فيها أم أخرى شبيها بها ، فأجاب بالثاني . قلت : وصورتك التي كنت بها في المدينة هي تحت التراب ؟ قال : نعم ، والروح روح الأنبياء خاصة ، فأما ما عدا أرواحهم فخيال ؛ لأنها محبوسة .

وقوله : (" من رآني في المنام فسيراني في اليقظة " ) ، أو "كأنما رآني في اليقظة " . فإن كان المحفوظ : "كأنما " فتأويله مأخوذ بما تقدم وإن كان المحفوظ "فسيراني في اليقظة " فيحتمل أن يريد أهل عصره ممن لم يهاجر إليه ، ويكون الباري جعل رؤيته مناما علما على ذلك بوحي إليه .

وقال ابن بطال : يعني تصديق تلك الرؤيا في اليقظة ، وصحتها وخروجها على الحق ؛ لأنه - عليه السلام - سيراه يوم القيامة في اليقظة جميع أمته ، من رآه في النوم ومن لم يره منهم . قال : وهذا الإخبار منه عن الغيب ، وأن الله منع الشيطان أن يتصور في صورته . وقيل معناه : يراه في الآخرة (رؤيا ) خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ، ونحو ذلك حكاه النووي ، وقال القزاز : يريد فمن آمن به قبل ذلك ، ولم يره بكونه حينئذ غائبا عنه فيكون هذا مبشرا لكل من آمن

[ ص: 166 ] به ولم يره ؛ لأنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته . وقال الداودي عن بعض العلماء : معنى "من رآني في المنام " أي : على صورته ، قالوا : لأنه قد يراه البر والفاجر ، والخبر عنه لا يؤخذ خلافه .

ومعنى : " لا يتمثل بي " : لا يتشبه . كما جاء في رواية : " أنى يتكون في صورتي "وكذا قوله : ("لا يتكونني " ) . أي : لا يكون في مثل صورتي فقد منعه الله من ذلك . وقال القاضي عياض : يحتمل أن يكون ذلك إذا رآه على الصفة المعروفة له في حياته ، فإن رأى على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة .

(وضعفه النووي وقال : الصحيح أنه يراه حقيقة ) سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها . كما ذكره المازري .

فصل :

ذكر أبو الحسن علي بن أبي طالب في "مدخله الكبير " أن رؤية سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تدل على الخصب ، والإمطار ، وكثرة الرحمة ، ونصر المجاهدين ، وظهور الدين ، وظفر الغزاة والمقاتلين ، ودمار الكفار ، وظفر المسلمين بهم ، وصحة الدين إذا رئي في الصفات المحمودة ، وربما دل على الحوادث في الدين وظهور الفتن والبدع إذا رئي في الصفات المكروهة ، وقد يعبر به عن الباري تعالى ؛ لأنه قرن طاعته بطاعته .

التالي السابق


الخدمات العلمية