التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
7002 - قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة -أو مثل الملوك على الأسرة " . شك إسحاق . قالت : فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم وضع رأسه ، ثم استيقظ وهو يضحك . فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : "ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله " . كما قال في الأولى . قالت : فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . قال : "أنت من الأولين " . فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان ، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت . [انظر : 2789 - مسلم : 1912 - فتح: 12 \ 391 ]


وقال ابن عون : عن ابن سيرين : رؤيا النهار مثل رؤيا الليل .

ثم ساق حديث أنس في قصة أم حرام بطوله وقد سلف ، ويعني بهذين البابين : أنه لا يختص نوم النهار على نوم الليل ، ولا نوم الليل على نوم النهار بشيء من صحة الرؤيا وكذبها ، وأن الرؤيا متى ما رئيت فحكمها واحد .

[ ص: 171 ] فصل :

تعليق الزبيدي أخرجه مسلم عن حاجب بن الوليد ، ثنا محمد بن حرب عنه . ومتابعة سفيان رواها أيضا عن ابن أبي عمر عنه . وتعليق سليمان رواه أيضا عن (الدارمي ) عن محمد بن كثير عنه ، وشعيب وإسحاق رواه أبو بكر عنهما .

قال الإسماعيلي : ورواه ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم ساقه بإسناده إليه .

وقوله : ( وكان معمر لا يسنده حتى كان بعد ) أخرجه مسلم عن عبد الرزاق ، عنه ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس وأبي هريرة . قال عبد الرزاق : كان معمر أحيانا يقول : ابن عباس ، وأحيانا يقول : عن أبي هريرة : أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . . الحديث .

وعند الإسماعيلي قال : معمر -من حديث عبد الرزاق - عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس أنه قال : كان أبو هريرة يحدثنا .

فصل :

وتأويل المفاتيح في النوم : أسباب الفتح ، والمعنى أتيت ما دلني على أنه سيفتح لي ولأمتي خزائن الأرض ما يرفع عنهم (المسغبة ) والفقر ، وما يدين لهم ملوك الأرض ؛ لأن الخزائن -أعني : خزائن [ ص: 172 ] الأرض - بأيدي الملوك ، وهو في معنى قوله : "وزويت لي الأرض " . الحديث .

فصل :

والمراد بـ" مفاتيح الكلم " : الفصاحة والإيجاز ، والخزائن ما فتح الله على أمته من كنوز كسرى وقيصر وغيرهما ، ومعنى : ( تنتثلونها ) : تؤدى إليكم خزائن الأرض في غنائمها . والبارحة : أقرب ليلة مضت ، وهي من برح ، أي : زال .

وفيه دلالة على جواز إطلاق البارحة على الليلة الماضية ، وإن كان قبل الزوال كذا قيل ، وإنما يتم أن يكون - عليه السلام - قال ذلك قبله ، نعم كان من عادته أن يقول بعد الصبح " هل رأى منكم الليلة أحد رؤيا ؟ " كما ستعلمه .

وادعى ثعلب أنه لا يقال : البارحة إلا بعد الزوال ، ويحمل على إرادة الحقيقة دون المجاز ، ولا شك أن المبادرة إلى السؤال عن الرؤيا أول النهار مطلوبة ؛ لأن الذهن مجتمع لم يتشعب بشغل المعاش ، ولقرب عهد الرائي بالرؤيا .

فصل :

وأثر ابن عون عن ابن سيرين : (رؤيا النهار مثل رؤيا الليل ) ، أخرجه أبو الحسن (علي ) بن أبي طالب في كتابه "نور البستان وربيع الإنسان " من حديث مسعدة عن ابن عون به ، ثم قال : ولا فرق بين رؤيا النهار

[ ص: 173 ] والليل ، وحكمهما واحد في العبارة ، وكذا رؤيا النساء كرؤيا الرجال .

فصل :

وقوله : "آدم " . كذا هو في الأصول والشروح ، وذكره ابن التين بلفظ : آدم أسمر . ثم قال : كذا في "المجمل " و"الصحاح " .

وقال الداودي : هو إلى السمرة أميل . وقال أبو عبد الملك : الآدم فوق الأسمر يعلوه سواد قليل .

وقوله : (" ذا لمة " ) . هو بكسر اللام : الشعر يجاوز شحمة الأذنين ، فإذا بلغ المنكبين فهي جمة ، والوفرة دون ذلك إذا بلغ شحمة الأذنين ، وسميت لمة ؛ لأنها ألمت بالمنكبين . هذا ما في "الصحاح " و"المجمل " و"غريبي الهروي " . (وقال أبو عبد الملك : الجمة وقال الداودي : الوفرة ) .

وقوله : ( قد رجلها ) هو أن يبلها بالماء ثم يمشطها . وقيل : هو أن يدهن ويمشط ، ويكون شعثه ، وقيل : يغسلها . وسمي المسيح مسيحا ؛ إما لسياحته ، أو لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برأ ، أو لأنه مسح بالبركة عند ولادته ، أو مسح بالدهن فخرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن ، أو اسم خص به ، أو لمسح زكريا إياه ، أو أصله بالعبرانية فعرب كموسى ، أو لأنه لا أخمص لرجله ، أو لأنه كان يمسح الأرض ، أو لأنه كان يلبس المسح ، أو المسيح : الصديق . قاله ابن الأعرابي . أقوال سلفت .

[ ص: 174 ] وأما الدجال فلقب بالمسيح ؛ إما لسياحته أو لأنه ممسوح العين ، أو لأنه يمسح الأرض ، أو لغير ذلك ، وهو مخفف ومثقل وبالخاء المعجمة وأنكرا . قال أبو الهيثم : المسيخ ضد المسيح يقال : مسحه الله . أي : خلقه خلقا حسنا مباركا ، ومسخه : خلقه خلقا مقلوبا قبيحا .

وقوله : (" جعد قطط " ) . هو بفتح الطاء ، أي : شديد الجعودة ، يقال : قطط شعره . بالكسر ، وهو أحد ما جاء على الأصل ؛ لإظهار التعريف ، ورجل قط الشعر وقطط الشعر بمعنى .

وقوله : (" عنبة طافية " ) . يقال : طفا الشيء على الماء يطفو : إذا علاه ، فعين الدجال طافية على وجهه قد برزت كالعنبة . قال ابن بطال : من قرأ طافئة بالهمز . فمعناه : أن عينه مفقودة ذهب ضوؤها . فالمعنى : كأنها عنبة نضجت فذهب ماؤها ، ومن قرأ بغيره فمعناه : أنها برزت ، وخرج الباطن الأسود فيها ؛ لأن كل شيء ظهر فقد طفا يطفو طفوا . ومنه طافي البحر ، قاله الأخفش ، ووزن عنبة فعلة ، وهو بناء نادر للواحد ، وإنما يعرف للجمع كقردة وفيلة ، وهو بناء قليل الواحد ، جاء منه : حبرة وخمرة .

وقوله : وطيبة وحبرة . قال الجوهري : لا أعرف غير هذا ، وسمي الدجال دجالا إما لكذبه وتمويهه أو لفريه .

فصل :

ومعنى : (" يركبون ثبج هذا البحر " ) في قصة أم حرام : وسطه [ ص: 175 ] أو ظهره ، وأم حرام هذه خالة أنس ، وأكله مما تطعمه إما لعلمه أن زوجها يحب ذلك ، أو يكون من مالها .

وقوله : ( فركبت البحر في زمان معاوية ) ظاهره أنه زمن ولايته الكبرى ؛ إذ لا يضاف زمن فلان إلا على هذا الوجه (في الأغلب ) . وذكر عن ابن الكلبي : أن ركوبها كان في زمن تولى فيه معاوية الإمارة ، ليس زمن استيلائه على الخلافة كلها .

قال ابن التين : قيل : وفي الحديث دليل على جواز إمارة معاوية .

قلت : لا شك فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية