التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6608 [ ص: 187 ] 19 - باب: الخضر في المنام والروضة الخضراء

7010 - حدثنا عبد الله بن محمد الجعفي ، حدثنا حرمي بن عمارة ، حدثنا قرة بن خالد ، عن محمد بن سيرين قال : قال قيس بن عباد : كنت في حلقة فيها سعد بن مالك وابن عمر ، فمر عبد الله بن سلام فقالوا : هذا رجل من أهل الجنة . فقلت له : إنهم قالوا كذا وكذا . قال : سبحان الله! ما كان ينبغي لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم ، إنما رأيت كأنما عمود وضع في روضة خضراء ، فنصب فيها ، وفي رأسها عروة وفي أسفلها منصف -والمنصف : الوصيف - فقيل : ارقه . فرقيت حتى أخذت بالعروة . فقصصتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يموت عبد الله وهو آخذ بالعروة الوثقى" . [انظر : 3813 - مسلم : 2484 - فتح: 12 \ 397 ]


ذكر فيه حديث محمد بن سيرين قال : قال قيس بن عباد : كنت في حلقة فيها سعد بن مالك وابن عمر ، فمر عبد الله بن سلام فقالوا : هذا رجل من أهل الجنة . . الحديث ، وفيه الروضة الخضراء وأنه قال : " يموت عبد الله وهو آخذ بالعروة الوثقى " .

وترجم عليه بعد : باب التعليق بالعروة الوثقى ، وقال فيه : وقيل لي : ارقه . فقلت : لا أستطيع ، فأتاني وصيف فرفع ثيابي فرقيت . . الحديث .

والروضة التي لا يعرف نبتها دالة على العروة الوثقى الإسلام ؛ لنضارتها وحسن بهجتها ، وقد تأولها بذلك الشارع ، وقد تدل من الإسلام على كل مكان فاضل يطاع الله فيه ، كقبر رسوله وحلق الذكر وجوامع الخير وقبور الصالحين ؛ لقوله - عليه السلام - : "ما بين قبري ومنبري [ ص: 188 ] روضة من رياض الجنة " . وقوله : " ارتعوا في رياض الجنة " . يعني : حلق الذكر .

وقوله : " القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار " . وقد تدل الروضة على المصحف وعلى كتاب العلم ؛ لقولهم : الكتب رياض الحكماء ، والعمود دال على كل ما يعتمد عليه كالقرآن والسنن والفقه في الدين ، وعلى الفقيه والحاكم والوالد والسيد والزوج والزوجة والمال ، ومكان العمود وصفات المنام يستدل على تأويل الأمر وحقيقة التعبير ، وكذلك العروة والإسلام والتوحيد ، وهي العروة الوثقى . قال تعالى : فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى [البقرة : 256 ] ، فأخبر الشارع أن ابن سلام يموت على الإيمان ، كما في هذه الرؤيا ؛ من شواهد ذلك حكم له الصحابة بالجنة بحكم الشارع بموته على الإسلام . وقال الداودي : قالوا ؛ لأنه كان بدريا .

[ ص: 189 ] وفيه : القطع بأن كل من مات على الإسلام والتوحيد لله بالجنة ، وإن نالت بعضهم عقوبات .

وقول ابن سلام : ( وما كان ينبغي لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم ) إنما قاله على سبيل التواضع ، وكره أن يشار إليه بالأصابع فيدخله العجب ، فيحبط عمله .

فصل :

عباد والد قيس - بعين مهملة مضمومة . والحلقة بإسكان اللام ، وفي لغة رديئة فتحها . والروضة : الدنيا ، والعمود والمعراج : الذي يطلع منه العمل ، والحبل : السبب الذي بينه وبين الله ، والعروة : عروة الإسلام كما مر .

وقوله : ( وفي أسفلها منصف ، والمنصف : الوصيف ) .

قال ابن التين : روينا منصف بفتح الميم ، وفي بعض النسخ بكسرها . وكذا ضبطه الدمياطي ، وكذا هو في كتاب ابن فارس ضبطا ، قال الهروي : نصفت الرجل فأنا أنصفه نصافة إذا خدمته ، والمنصف : الخادم ، كما ذكره ، والمراد هنا بالوصيف : عون الله له .

قيل : وفي عبد الله بن سلام نزلت وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله [الأحقاف : 10 ] . وهو من ولد يوسف - عليه السلام - .

التالي السابق


الخدمات العلمية