التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6629 [ ص: 231 ] 39 - باب: إذا رأى بقرا تنحر

7035 - حدثني محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، عن بريد ، عن جده أبي بردة ، عن أبي موسى -أراه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل ، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر ، فإذا هي المدينة يثرب ، ورأيت فيها بقرا -والله خير - فإذا هم المؤمنون يوم أحد ، وإذا الخير ما جاء الله من الخير وثواب الصدق الذي أتانا الله به بعد يوم بدر" . [انظر : 3622 - مسلم : 2272 - فتح: 12 \ 421 ]


ذكر فيه حديث أبي موسى - رضي الله عنه -أراه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل ، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر ، فإذا هي المدينة يثرب ، ورأيت فيها بقرا -والله خير - فإذا هم المؤمنون يوم أحد ، وإذا الخير ما جاء الله من الخير وثواب الصدق الذي آتانا الله به بعد يوم بدر " .

الشرح :

هذا الحديث سلف في غزوة أحد مختصرا والسند واحد . و (وهلي ) يعني : وهمي عن صاحب "العين " وعليه اقتصر ابن بطال ، وقال ابن التين : هو بسكون الهاء . تقول : وهلت بالفتح أهل وهلا : إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره ، مثل : وهمت ، ووهل في بالكسر وعن الشيء يوهل وهلا بالتحريك : إذا فزع . كذا ذكر أهل اللغة : ورويناه هنا وهلي بالتحريك . ولعله يجوز على معنى مثاله مثل البحر والبحر والنهر والنهر والشعر والشعر .

[ ص: 232 ] و ( اليمامة ) - (بفتح الياء ) - بلاد كان اسمها الجو فسميت باسم جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام . قال : أبصر من زرقاء اليمامة . و ( هجر ) اسم بلد مذكر مصروف . وفي المثل : كبضع تمر إلى هجر . والنسبة إليها هاجري على غير قياس . قال الجوهري : أسماء البلدان الغالب عليها التأنيث . وترك الصرف إلا منى والشام والعراق وواسط ودابق وفلج وهجر فإنها تذكر وتصرف ، ويجوز أن يريد به البلدة فلا يصرف . و ( يثرب ) هي المدينة شرفها الله تعالى ، وسميت في القرآن يثرب على وجه الإخبار على تسمية المشركين لها يثرب قبل أن يسميها الله دار الإيمان .

وفي "الموطأ " : يقولون : يثرب قيل : كره أن يسميها يثرب ، وإنما ذلك على وجه العيب لمقابله . وقيل : من قال : يثرب وهو عالم كتبت عليه خطيئة . وقال ابن عزير : يثرب أرض والمدينة في ناحية منها . والذي في "الصحاح " وغيرها ما قدمناه أنها المدينة والنسبة إليها يثربي -بفتح الراء - فتحت استحسانا ؛ لتوالي الكسرات ، قاله الجوهري .

فصل :

قال المهلب : هذه الرؤيا فيها نوعان من التأويل : فيها الرؤيا على حسب ما رئيت ، وهو قوله : (" أهاجر إلى أرض بها نخل " ) وكذلك هاجر ، فخرج على ما رأى ، وفيها ضرب المثل ؛ لأنه رأى بقرا تنحر ، فكانت البقر أصحابه ، فعبر - عليه السلام - عن حالة الحرب بالبقر من

[ ص: 233 ] أجل ما لها من السلاح ، والقرون شبهت بالرماح ، (و ) لما كان طبع البقر المباطحة ، والدفاع عن أنفسها بقرونها كما يفعل رجال الحرب . وشبه - عليه السلام - النحر بالقتل .

فصل :

وقوله : " والله خير " . يعني ما عند الله من ثواب القتل في سبيل الله خير للمقتول من الدنيا ، وقيل : معنى : و"الله خير " أن صنعه لهم خير لهم ؛ وهو قتلهم يوم أحد ، وقد يدل البقر على أهل البادية بعمارتهم الأرض وعيشهم من نباتها ، وقد يدل الثور على الثائر ؛ لأنه يثير الأرض عن حالها ، فكذلك الثائر أيضا يثير الناحية التي يقوم فيها ويحرك أهلها ، ويقلب أسفلها أعلاها .

قال ابن أبي طالب العابر : والبقر إذا دخلت المدينة فإن كانت سمانا فهي (سنين ) رخاء ، وإن كانت عجافا كانت شدادا ، فإن كانت المدينة مدينة بحر وإبان سفر قدمت سفن على عددها وحالها ، وإلا كانت فتن مترادفة كأنها وجوه البقر ، كما في الخبر : "يشبه بعضها بعضا " .

وفي خبر آخر في الفتن : " كأنها صياصي البقر " يريد لتشابهها إلا أن تكون صفرا كلها فإنها أمراض تدخل على الناس ، وإن كانت مختلفة الألوان شنيعة القرون وكانت الناس ينفرون منها أو كان النار والدخان يخرج من أفواهها ، فإنه عسكر ، أو إغارة ، أو عدو يضرب

[ ص: 234 ] عليهم وينزل بساحتهم ، وقد تدل البقرة على الزوجة والخادم والأرض والغلة والسنة ؛ لما يكون فيها من الولد والغلة والنبات .

التالي السابق


الخدمات العلمية