التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6649 [ ص: 287 ] 3 - باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "هلاك أمتي على يدى أغيلمة سفهاء من قريش"

7058 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد قال : أخبرني جدي قال : كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ومعنا مروان ، قال أبو هريرة : سمعت الصادق المصدوق يقول : " هلكة أمتي على يدى غلمة من قريش " .

فقال مروان : لعنة الله عليهم غلمة . فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت . فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشأم ، فإذا رآهم غلمانا أحداثا قال لنا : عسى هؤلاء أن يكونوا منهم : قلنا : أنت أعلم .
[انظر : 3604 - مسلم : 2917 - فتح: 13 \ 9 ]


ذكر البخاري حديث يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي بن أمية (الكوفي ) قال : أخبرني جدي -وهو أبو عثمان سعيد اتفقا على الجد ، وانفرد البخاري بعمرو - قال : كنت جالسا مع أبي هريرة - رضي الله عنه - في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ومعنا مروان ، قال أبو هريرة : سمعت الصادق المصدوق يقول : "هلكة أمتي على يدي (غلمة ) من قريش " .

فقال مروان : لعنة الله عليهم غلمة . فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت . فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشام ، فإذا (رآهم غلمانا أحداثا ) قال لنا : عسى هؤلاء أن يكونوا منهم : قلنا : أنت أعلم .

[ ص: 288 ] الشرح :

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا ، ولفظه : "يهلك أمتي هذا الحي " ، واعترض ابن بطال بأنه لم يذكر في الحديث سفهاء كما ترجم له ، ثم أجاب بأنه كثيرا ما يفعل مثل هذا ، وذلك أن يأتي في حديث لا يرضى إسناده لفظة تبين معنى الحديث فيترجم بها ؛ ليدل على المراد بالحديث ، وعلى أنه قد روي عن العلماء ثم لا يسعه أن يذكر في حشو الباب إلا أصح ما روي فيه اشتراطه الصحة في كتابه ، وقد روي ذلك عن علي بن معبد : حدثنا أشعث بن [ شعبة ] ، عن سماك ، عن أبي هريرة رفعه : "إن فساد أمتي على رءوس غلمة سفهاء (من قريش ) " فبان في هذا الحديث : أن الغلمة سفهاء ) ، وأن الموجب لهلاك الناس بهم أنهم رؤساء وأمراء متغلبون .

قلت : بل في (الباب الحديث ) صحيح على شرطه بذكر هذه اللفظة . أخرجه الإسماعيلي في "صحيحه " : حدثنا الحسن بن سفيان ، ثنا إبراهيم بن يعقوب ، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، ثنا عمرو بن يحيى بن سعيد : سمعت جدي سعيد بن العاصي : سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "هلاك هذه الأمة على يدي أغيلمة سفهاء من قريش " . فقال مروان . . الحديث .

[ ص: 289 ] وفي هذا الحديث أيضا حجة لجماعة الأمة في ترك القيام على أئمة الجور ، ووجوب طاعتهم والسمع والطاعة لهم ، ألا ترى أنه - عليه السلام - قد أعلم أبا هريرة بأسمائهم وأسماء آبائهم ، ولم يأمره بالخروج عليهم ولا محاربتهم ، وإن كان قد أخبر أن هلاك أمته على أيديهم ، إذ الخروج عليهم أشد في الهلاك وأقوى في الاستئصال فاختار - عليه السلام - لأمته أيسر الأمرين وأخف الهلاكين ، أن قد جرى قدر الله وعلمه أن أئمة الجور أكثر من أئمة العدل ، وأنهم يتغلبون على الأمة .

وهذا الحديث من أقوى ما يرد به على الخوارج .

فإن قلت : (ما أراد الشافعي إهلاكهم في الدين أو في الدنيا بالقتل .

قيل ) : أرادهما معا . وقد جاء ذلك بينا في حديث علي بن معبد ، عن إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه قال : سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أعوذ بالله من إمارة الصبيان " . فقال أصحابه : وما إمارة الصبيان ؟ فقال : "إن أطعتموهم هلكتم (وإن عصيتموهم أهلكوكم ) ، فهلاككم في طاعتهم هلاك الدين ، وهلاككم في عصيانهم هلاك الأنفس " .

وهلكة بفتح الهاء واللام : هلاكهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية