التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6677 7088 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

"
يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم ، يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن " .
[انظر : 19 - فتح: 13 \ 40 ] .


ذكر فيه حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - إذ دخل على الحجاج فقال : يا ابن الأكوع ، ارتددت على عقبيك ، تعربت ؟ قال : لا ، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن لي في البدو . وعن يزيد بن أبي عبيد قال : لما قتل عثمان بن عفان - رضي الله عنه -خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة ، وتزوج هناك امرأة وولدت له أولادا ، فلم يزل بها حتى قبل أن يموت بليال ، فنزل المدينة .

وحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم ، يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن " .

الشرح :

التعرب : معناه أن يرجع أعرابيا بعد الهجرة .

[ ص: 348 ] فمعنى تعربت : تشبهت بالعرب ، يقال : تعرب بعد هجرته أي : صار عربيا ، وكانوا يستعيذون بالله أن يعودوا كالأعراب بعد هجرتهم ؛ لأن الأعراب لم يتعبدوا بالهجرة التي يحرم بها على المهاجر الرجوع إلى وطنه ، كما فرض على أهل مكة البقاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونصرته ، ولذلك قال الحجاج : يا ابن الأكوع ، ارتددت على عقبيك تعربت ؟ أي : رجعت في الهجرة التي فعلتها لوجه الله بخروجك من المدينة ، فأخبره أنه - عليه السلام -أذن له في سكنى البادية ، فلم يكن خروجه من - المدينة فرارا منها ، ولا رجوعا عن الهجرة ، وهذا لا يحل لأحد فعله ، ولذلك دعا - عليه السلام -لأصحابه ألا يموتوا في غير المدينة التي هاجروا إليها لله تعالى فقال : "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم " . الحديث ، فتوجع حين مات سعد بن خولة بمكة في الأرض التي هاجر منها ، وذكر البخاري أنه شهد بدرا ثم انصرف إلى مكة ومات بها وهو من المهاجرين ، ولولا ما ذكر لكان يريد قتله .

وذكر ابن سعد عن الهيثم بن عدي : أن سلمة بن الأكوع مات في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان ، وكذا ذكره البلاذري ، وفي كتاب أبي نعيم والعسكري وغيرهما أنه مات سنة أربع وستين .

[ ص: 349 ] فصل :

"يوشك . . " إلى آخره من أعلام نبوته ؛ لأنه أخبر عما يكون في آخر الزمان ، وفيه : أن اعتزال الناس عند الفتن والهرب عنهم أفضل من مخالطتهم وأسلم للدين ، وسلف تفسير "شعف الجبال " في الرقاق في باب : العزلة راحة من خلطاء السوء . وهو : أعاليها ، وذكرنا هناك الآثار التي جاءت بالحض على العزلة والانفراد ، فراجعه .

ومعنى يوشك -بكسر الشين - : يسرع ، قال جرير :


إذا جهل الشقي ولم يقدر ببعض الأمر أوشك أن يصاب



(والعرب ) تقول : يوشك -بفتح الشين - وهي لغة رديئة ذكره في "الصحاح " .

التالي السابق


الخدمات العلمية