التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6682 7095 - حدثنا إسحاق الواسطي ، حدثنا خلف ، عن بيان ، عن وبرة بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن جبير قال : خرج علينا عبد الله بن عمر ، فرجونا أن يحدثنا حديثا حسنا . قال : فبادرنا إليه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن ، حدثنا عن القتال في الفتنة والله يقول وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة [البقرة : 193 ] فقال : هل تدري ما الفتنة ثكلتك أمك إنما كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يقاتل المشركين ، وكان الدخول في دينهم فتنة ، وليس كقتالكم على الملك . [انظر : 3130 - فتح: 13 \ 45 ] .


ذكر فيه حديث الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قام إلى جنب المنبر فقال : "الفتنة هنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان " . أو قال : "قرن الشمس " .

[ ص: 356 ] وحديث ليث ، عن نافع ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مستقبل المشرق يقول : "ألا إن الفتنة ها هنا من حيث (يطلع ) قرن الشيطان " .

وحديث ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "اللهم بارك لنا في شأمنا ، اللهم بارك لنا في يمننا " . قالوا : (يا رسول الله ) وفي نجدنا . قال : "اللهم بارك لنا في شأمنا ، اللهم بارك لنا في يمننا " . قالوا : يا رسول الله ، وفي نجدنا ، فأظنه قال في الثالثة : "هناك الزلازل والفتن ، وبها يطلع قرن الشيطان " .

وحديث سعيد بن جبير قال : خرج علينا ابن عمر ، فرجونا أن يحدثنا حديثا حسنا . قال : فبادرنا إليه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن ، حدثنا عن القتال في الفتنة والله تعالى يقول : وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة [البقرة : 193 ] ، فقال : هل تدري ما الفتنة ثكلتك أمك ، إنما كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يقاتل المشركين ، وكان الدخول في دينهم فتنة ، وليس كقتالكم على الملك . وسلف في الأنفال .

الشرح :

ذهب الداودي إلى أنه قرن على الحقيقة ، وذكر الهروي نحوه أن قرنيه ناحيتا رأسه ، وقيل : معنى قرنه : أهل حزبه وإرادته . وقال الحريمي : هذا مثل ، أي : حينئذ يتحرك الشيطان . وغلط . وقيل : [ ص: 357 ] القرن : القوة ، أي : يطلع من حيث قوة الشيطان .

وفي "الصحاح " : قرن الشمس أعلاها ، وقيل : أراد به قوما أحداثا بعد أن لم يكونوا . وقال الخطابي : القرن : الأصل فيه أن يضرب به المثل فيما لا يحمد من الأمور ؛ لقوله - عليه السلام - في الفتنة : "وطلوعها من ناحية المشرق ومنه يطلع قرن الشيطان " . وقال في الشمس : "إنها تطلع بين قرني الشيطان " . والقرن : الأمة من الناس يحدثون بعد فناء آخرين .

قال الشاعر :


إذا ما مضى القرن الذي أنت منهم وخلفت في قرن فأنت غريب



وقال غيره : كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر فأخبر - عليه السلام - : أن الفتنة تكون من تلك الناحية ؛ وكذلك كانت الفتنة الكبرى التي كانت مفتاح فساد ذات البين ، وهي قتل عثمان ، وكانت سبب وقعة الجمل وصفين ، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق ، ومعلوم أن البدع إنما ابتدأت من المشرق ، وإن كان الذين اقتتلوا بالجمل وصفين كثير منهم أهل الشام والحجاز ، فإن الفتنة وقعت في ناحية المشرق ، وكان ذلك سببا إلى افتراق كلمة المسلمين ، وفساد شأن كثير منهم إلى يوم القيامة ، وكان سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يحترز ) من ذلك ويعلم به قبل وقوعه ، وذلك من دلالات نبوته .

[ ص: 358 ] فصل :

قوله : ("ثكلتك أمك " ) . هو بكسر الكاف أي : (عوقبتك ) ، والفتنة هنا الكفر ، قال الخطابي : نجد : ناحية المشرق ، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها ، وهي مشرق أهلها ، وأصل النجد ما ارتفع من الأرض بخلاف الغور فإنه ما انخفض منها ، وتهامة كلها من الغور ومنها مكة ، قال : والفتن تبدو من المشرق ، من ناحيتها يخرج يأجوج ومأجوج والدجال في أكثر ما يروى من الأخبار . وقال الداودي : نجد من ناحية العراق . وقال كعب : بها الداء العضال وهو الهلاك في الدين ، رواه ابن القاسم عن مالك ، روى عنه مطرف أنه أبو زيد وأصحابه ، وهذا ينزه عنه مالك والله أعلم هل قاله وبها تسعة أعشار السحر ذكره كله ابن التين .

التالي السابق


الخدمات العلمية