التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6722 [ ص: 433 ] 3 - باب: أجر من قضى بالحكمة

لقوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون [المائدة : 47 ] .

7141 - حدثنا شهاب بن عباد ، حدثنا إبراهيم بن حميد ، عن إسماعيل ، عن قيس ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها " . [انظر : 73 - مسلم : 816 - فتح: 13 \ 120 ] .


ذكر فيه حديث قيس عن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها " .

هذا الحديث سلف في كتاب العلم ، والآية قال الحسن : نزلت في أهل الكتاب تركوا أحكام الله تعالى كلها -يعني في الرجم والديات - قال : وهي علينا واجبة .

وقال الشعبي : الكافرون في أهل الإسلام ، والظالمون في اليهود ، والفاسقون في النصارى .

وقال عطاء وطاوس : كفر ليس ككفر الشرك ، وظلم ليس كظلم الشرك ، وفسق ليس كفسق الشرك .

[ ص: 434 ] قال القاضي إسماعيل : وظاهر الآيات يدل على أن من فعل مثل ما فعلوا واخترع حكما خالف به حكم الله وجعله دينا يعمل به ، فقد لزمه مثل ما لزمهم من لزوم الوعيد حاكما كان أو غيره ، ألا ترى أن ذلك نسب إلى جملة اليهود حين عملوا به .

قال ابن بطال : ودلت الأحاديث على أن من قضى بما أنزل الله فقد استحق جزيل الأجر ، ألا ترى أنه - عليه السلام - أباح حسده ومنافسته ، فدل أن ذلك من أشرف الأعمال وأجل ما تقرب به إلى الله .

وقد روى ابن المنذر عن محمد بن إسماعيل : ثنا الحسن بن علي ، ثنا عمران القطان -أبو العوام - عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن أبي أوفى قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان " .

فصل :

اقتصر البخاري من الآية على ما ذكر ، ولم يذكر (فأولئك هم الظالمون) ولا (فأولئك هم الكافرون) ؛ لأنه قيل : إنما نزل ذلك في اليهود والنصارى ، نبه عليه الداودي وعن ابن عباس -فيما حكاه النحاس -هو به كافر لا كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وقد أسلفنا قول الشعبي في ذلك وهو الظاهر .

قال النحاس : وأحسن ما قيل فيه أنها كلها في الكفار ، ولا شك أن من رد حكما من أحكام الله فقد كفر ، وقد أجمعت الفقهاء أن من أنكر حكم الرجم أنه كافر ؛ لأنه ممن رد حكما من أحكام الله تعالى .

[ ص: 435 ] وروي أن حذيفة سئل عن هذه الآية : أهي في بني إسرائيل ؟ قال : نعم ، ولتسلكن سبلهم حذو النعل بالنعل .

وقال الحسن : أخذ الله على الحكام ثلاثة أشياء لا يتبعونها : الهوى ، ولا يخشوا الناس ويخشوه ، ولا يشتروا بآيات الله ثمنا قليلا .

فصل :

قد أسلفنا في كتاب العلم أن المراد بالحسد هنا التغبط ، وقال ثعلب : "لا حسد " : لا يضر . والفرق أن الأول لا يتمنى زوالها بخلاف الثاني .

قال ابن الأعرابي : الحسد مأخوذ من الحسدل وهو القراد ، وهو يقشر القلب كما يقشر (القراد ) الجلد فيمص الدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية