التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6730 7149 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا ورجلان من قومي ، فقال أحد الرجلين : أمرنا يا رسول الله . وقال الآخر مثله . فقال : " إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه " . [انظر : 2261 - مسلم : 1733 - فتح: 13 \ 125 ] .


ذكر فيه حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - عليه السلام - قال : "ستحرصون على الإمارة ، وستكون ندامة يوم القيامة ، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة " .

وقال محمد بن بشار : ثنا عبد الله بن حمران ، ثنا عبد الحميد ، عن سعيد المقبري ، عن عمر بن الحكم ، عن أبي هريرة قوله .

ثم ساق حديث أبي موسى - رضي الله عنه - ، وفيه "إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه " .

قال المهلب : حرص الناس على الإمارة ظاهر للعيان ، وهو الذي جعل الناس يسفكون عليها دماءهم ، ويستبيحون حريمهم ، ويفسدون في الأرض حتى يصلوا بالإمارة إلى لذاتهم ثم لا بد أن يكون فطامهم إلى السوء من الحال ؛ لأنه لا يخلو أن يقتل عليها أو يعزل عنها وتلحقه الذلة ، أو يموت عليها ، فيطالب في الآخرة بالتبعات ، فيندم حينئذ .

[ ص: 446 ] والحرص الذي اتهم الشارع صاحبه ولم يدعه ، هو أن يطلب من الإمارة ما هو قائم بغيره متواطئا عليه ، فهذا لا يجب أن يعان عليه ويتهم طالبه .

وأما إن حرص على القيام بأمر ضائع من أمور المسلمين أو حرص على سد خلة فيهم وإن كان له أمثال في الوقت والعصر لم يتحركوا لهذا ، فلا بأس أن يحرص على القيام بالأمر الضائع ولا يتهم هذا إن شاء الله ، وبين هذا المعنى حديث خالد بن الوليد حين أخذ الراية من غير إمرة ، ففتح عليه .

فصل :

نعم وبئس : فعلان لا ينصرفان ؛ لأنهما (انتقلا ) عن موضعهما ، فنعم مفعول من قولك : نعم فلان إذا أصاب نعمة ، وبئس مفعول من بئس إذا أصاب بؤسا ، فنقلا إلى المدح والذم ، فشابها الحروف .

وقيل : إنهما استعملا للحال بمعنى الماضي وفيها أربع لغات : نعم بفتح أوله وكسر ثانيه ، وكسرهما ، وسكون العين وكسر النون ، وفتح النون وسكون العين نعم المرأة هند وإن شئت : نعمت المرأة هند .

فائدة :

حرص . بفتح الراء . قال تعالى : ولو حرصت بمؤمنين [يوسف : 103 ] .

[ ص: 447 ] وقال الداودي : نعم المرضعة في الدنيا بشرها وبئست الفاطمة . أي : إذا مات صار إلى الشر كالذي يفطم قبل استغنائه ، فيكون فيه هلاكه .

قال : وفي حديث أبي موسى أنه لم يكن ليختار لأحدهما ما لا خير فيه

التالي السابق


الخدمات العلمية