التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6734 [ ص: 455 ] 10 - باب: القضاء والفتيا في الطريق

وقضى يحيى بن يعمر في الطريق . وقضى الشعبي على باب داره .

7153 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، حدثنا أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : بينما أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ما أعددت لها ؟ " فكأن الرجل استكان ، ثم قال : يا رسول الله ، ما أعددت لها كبير صيام ولا صلاة ولا صدقة ، ولكني أحب الله ورسوله . قال : " أنت مع من أحببت " . [انظر : 3688 - مسلم : 2639 - فتح: 13 \ 131 ]


ثم ساق حديث أنس - رضي الله عنه - : بينا أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم -خارجان فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال : "ما أعددت لها ؟ . . " الحديث .

قال المهلب : الفتوى في الطريق على الدابة وما يشاكلها من التواضع لله ، فإن كانت لضعيف أو جاهل فمحمود عند الله والناس ، وإن تكلف ذلك لرجل من أهل الدنيا ، ولمن يخشى لسانه فمكروه للحاكم أن يترك مكانه وخطته .

واختلف أصحاب مالك في القضاء سائرا وماشيا ، فقال أشهب : لا بأس بذلك إذا لم يشغله السير أو المشي عن الفهم . وقال سحنون : لا ينبغي أن يقضي وهو يسير أو يمشي .

وقال ابن حبيب : ما كان من ذلك يسيرا كالذي يأمر بسجن من وجب عليه أو يأمر بشيء أو يكف عن شيء فلا بأس بذلك .

وأما أن يبتدئ نظرا ويرجع الخصوم ، وما أشبه ذلك فلا ينبغي ، [ ص: 456 ] وهو قول الحسن وقول أشهب (أشبه ) بدليل الحديث .

وفيه : دليل على جواز تنكيب العالم بالفتيا عن نفس ما سئل عنه إذا كانت المسألة لا تعرف ، أو كانت مما لا حاجة بالناس إلى معرفتها ، وكانت مما يخشى منه الفتنة وسوء التأويل .

فصل :

يقال : استفتيت الفقيه فأفتاني . والاسم الفتيا والفتوى ، وقضى يحيى لعلمه بما كان نصا أو مسألة لا تحتاج إلى روي دون ما غمض كما مضى ، وسأل ابن مهدي مالكا -وهما ماشيان - فقال مالك : يا عبد الرحمن ، تسألني عن حديث ونحن نمشي ؟! وكان لا يحدث بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وهو على طهارة .

فصل :

وقوله : (عند سدة المسجد ) قال الجوهري : السدة : باب الدار . وقال أبو الدرداء : من يغش سدد السلطان يقم ويقعد . قال : وسمي إسماعيل السدي ؛ لأنه كان يبيع المقانع والخمر في سدة مسجد الكوفة ، وهو ما يبقى من الطاق المسدود .

ومعنى "ما أعددت لها " : ما هيأت للساعة واستعددت لها .

قال الأخفش : ومنه قوله تعالى : جمع مالا وعدده [الهمزة : 2 ] وفي رواية أبي ذر : "عددت " ومعناه : ما تقدم ، وهو في القرآن في غير موضع .

قوله : (استكان ) . أي : خضع ، وقال الداودي : أي : سكن .

[ ص: 457 ] وقوله : (ما أعددت لها كبير صيام ولا صلاة ولا صدقة ) يعني : نافلة ، ولعل الرجل سأل عنها خوفا مما يكون فيها ، ولو سأل استعجالا لها لكان من جملة من قال تعالى فيه : يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها [الشورى : 18 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية