التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6738 7157 - حدثني عبد الله بن الصباح ، حدثنا محبوب بن الحسن ، حدثنا خالد ، عن حميد بن هلال ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى أن رجلا أسلم ثم تهود ، فأتى معاذ بن جبل -وهو عند أبي موسى - فقال : ما لهذا ؟ قال : أسلم ثم تهود . قال : لا أجلس حتى أقتله ، قضاء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - . [انظر : 2261 - مسلم : 1733 - فتح: 13 \ 134 ] .


حدثنا محمد بن خالد الذهلي ، ثنا الأنصاري ، ثنا أبي ، عن ثمامة ، عن أنس - رضي الله عنه - أن قيس بن سعد كان يكون بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرط من الأمير .

وحديث أبي موسى - رضي الله عنه - أنه - عليه السلام - بعثه وأتبعه بمعاذ . وعنه - رضي الله عنه - أن رجلا أسلم ثم تهود ، فأتاه معاذ بن جبل -وهو عند أبي موسى - فقال : ما لهذا ؟ قال : أسلم ثم تهود . قال : لا أجلس حتى أقتله ، قضاء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 462 ] الشرح :

اختلف العلماء في هذا الباب ، فقال ابن القاسم في "المجموعة " : لا يقيم الحدود في القتل ولاة المياه ، وليجلب إلى الأمصار ولا يقام القتل بمصر كلها إلا بالفسطاط أو يكتب إلى والي الفسطاط بذلك .

وقال أشهب : من ولاه الأمير ، وجعله واليا على بعض المياه وجعل ذلك إليه فليقم الحد في القتل والقطع وغيره ، وإن لم يجعله إليه فلا يقيمه .

وذكر الطحاوي عن أصحابه الكوفيين (قال ) : لا يقيم الحدود إلا أمراء الأمصار وحكامها ، ولا يقيمها عامل السواد ونحوه ، وأن القاضي حكمه حكم الوكيل لا تنطلق يده إلا على ما أذن له فيه ، وحكمه عند من خالفهم حكم الوصي ، له التصرف في كل شيء .

وذكر عن مالك : لا يقيم الحدود كل الولاة في الأمصار والسواد . وقال الشافعي : إذا كان الوالي عدلا يضع الصدقة مواضعها فله عقوبة من غل الصدقة ، وإن لم يكن عدلا لم يكن له أن يعزره والحجة لمن رأى للحاكم والوالي إقامة الحدود دون الإمام الذي فوقه حديث معاذ في الباب أنه قتل المرتد دون أن يرفع أمره إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وذهب الكوفيون إلى أن القاضي حكمه حكم الوكيل لا تنطلق يده إلا على ما أذن له فيه وأطلق عليه ، وحكمه عند من خالفهم حكم (الوصي ) له التصرف في كل شيء كما سلف ، وتنطلق يده على [ ص: 463 ] النظر في جميع الأشياء ما لم يستثن عليه وجهها ، فلا يجوز له أن ينظر فيه .

فصل :

روى الإسماعيلي في حديث الباب أنه لما قدم - عليه السلام - مكة كان قيس بن سعد في مقدمته بمنزلة صاحب الشرطة يتقدم في أموره ، فكلم سعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قيس أن يصرفه عن الموضع الذي وضعه ؛ فيه مخافة أن يقدم على شيء ، فصرفه عن ذلك .

فصل :

قوله : (بمنزلة صاحب الشرط من الأمير ) كذا في الأصول (الشرطة ) والشرط بضم الشين وفتح الراء . ورأيت في كتاب ابن التين أنه بفتح الشين وضم الراء ، وكأنه انعكس على الكاتب . قال الأصمعي : سموا شرطا ؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها ، الواحد شرط وشرطي . وقول أبي عبيدة : سموا شرطا ؛ لأنهم أعدوا . يقال : أشرط فلان نفسه لأمر كذا أعدها .

فصل :

قتل أبي موسى المرتد ؛ لأنه أقيم لهذا ، وإذا وجب قتل بعراص مكة لم يقتل إلا بمدينتها ، وكذلك المدينة وكل إقليم فيه بلد يرجع أمرهم إليه . وقد سلف الخلاف فيه .

[ ص: 464 ] فصل :

فيه قتل المرتد من غير استتابة ، (قاله الداودي ) ، وقال عبد العزيز : إن توبته غير مقبولة وفقهاء الأمصار على أنه يستتاب ؛ لقوله تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم [الأنفال : 38 ] ، ولقوله - عليه السلام - : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله " .

ولأنه يجوز أن يكون عرضت له شبهة فإذا ذكر له الإسلام ورجع زالت عنه ، فإن ثبت قتل إجماعا ؛ لقوله - عليه السلام - : "من بدل دينه فاقتلوه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية