التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6741 7160 - حدثنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني ، حدثنا حسان بن إبراهيم ، حدثنا يونس قال محمد : أخبرني سالم ، أن عبد الله بن عمر أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض ، فذكر عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فتغيظ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : " ليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها " . [4908 - مسلم : 1471 - فتح: 13 \ 136 ] .


ذكر فيه حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - : "لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان " .

وحديث أبي مسعود عقبة بن عمرو - رضي الله عنه - : "أيها الناس ، إن منكم منفرين " سلف في الصلاة .

[ ص: 466 ] وموضع الحاجة قوله : (فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ ) ، ثم قال ذلك .

وحديث يونس (قال ) قال محمد : أخبرني سالم أن ابن عمر - رضي الله عنهما - أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض . الحديث تقدم في الطلاق . ومحمد هو ابن شهاب الزهري .

وفيه : فتغيظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

الشرح :

حديث أبي بكرة أصل في أن القاضي لا يقضي وهو غضبان ، ولا معه ضجر ، ونعاس ، ولا هم ، ولا جوع ، ولا عطش ، ولا حقن ، ولا وهو شبعان أكثر من الحاجة ، وسواء دخل على ذلك أو حدث له ما يمكن حدوثه من ذلك بعد أن جلس .

قال المهلب : وهذا ندب منه خوف التجاوز ، أي : لأنه لا يتأتى له في الغالب استقصاء الواجب في القضية ؛ لأنها تغير الطباع وتضر بالعقل وهو مكروه ، روي ذلك عن علي وعمر - رضي الله عنهما - وشريح وعمر بن عبد العزيز ، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي .

وأما قضاؤه - عليه السلام -وهو غضبان فإنما فعل ذلك لقيام العصمة به حيث لا يخشى منه التجاوز والميل في حكمه بخلاف غيره من البشر ، ثم غضبه في الله تعالى لا لنفسه .

وكان شريح إذا غضب أو جاع نام ، وكان الشعبي يأكل عند طلوع الشمس ، قيل له فقال : آخذ حلمي قبل أن أخرج إلى القضاء .

[ ص: 467 ] قال الشعبي : وأي حال جاءت عليه مما يعلم أنها تغير عقله أو فهمه امتنع من القضاء فيها .

وقولي : بعد أن جلس ، احترزت به عما إذا أصابه ضجر بعد جلوسه .

وفيه خلاف عند المالكية ، قال ابن حبيب : يقوم . وقال ابن عبد الحكم : لا بأس أن يحدث جلساءه إذا مل فيروح قلبه ، ثم يعود إلى الحكم . واستحسنه بعضهم قال : لأنه أخف من قيامه وانصراف الناس .

واختلف ، هل يحكم متكئا ؟ وقال الداودي : وهذا (إذا ) سبق الغضب ، وأما إذا صنع الخصمان ما يغضبه ولم يستحكم فيه الغضب حكم ، فإن استحكم فلا ؛ لأن الشيطان أمكن ما يكون عند الغضب ، ولهذا أمر الغضبان بالاستعاذة وتغيير الحال .

فصل :

قوله في حديث أبي مسعود - رضي الله عنه - : "فليتجوز " . وفي رواية : ("فليوجز " ) . أي : فليقتصر ، وحديث ابن عمر في طلاقه الحائض ظاهر في تحريم إيقاعه في الحيض ، وهو إجماع واختلفوا في نفوذه ، وفقهاء الأمصار عليه وشذ من خالف .

[ ص: 468 ] وقوله : ("فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها " ) . أخذ به الشافعي على إباحة الجمع بين الثلاث ؛ لأنه عام في الواحدة والأكثر .

وأجاب عنه القاضي إسماعيل : أن الشارع لم ينكر على ابن عمر - رضي الله عنهما - الطلاق وإنما أنكر موضعه .

قال : ولا أحسبه أفقه من عمر وابنه وقد قال : من فعله عصا ربه .

التالي السابق


الخدمات العلمية